العنف الجنسي في أوكرانيا… وصمة العار في هذه الحرب

أفادت تقارير أن الجنود الروس يستخدمون الاغتصاب كسلاح حرب.

أنشأت يوليا سبوريش، مؤسسة منظمة “ديفتشاتا” غير الحكومية الساعية إلى توعية الفتيات في أوكرانيا حول صحتهنّ الجنسية، خطًا ساخنًا في أبريل لدعم ضحايا العنف الجنسي بعدما أفادت تقارير أن الجنود الروس يستخدمون الاغتصاب كسلاح حرب. لكن الهاتف لم يرنّ إلّا نادرًا مذّاك الحين.
وتوضح سبوريش لوكالة فرانس برس أن سبب عدم التحدّث عن التعرّض لعنف جنسي يعود إلى أن “لا يزال هناك وصمة عار كبيرة جدًا. هناك فكرة أن الضحايا هم من جلبوا ذلك لأنفسهم“.
وتضيف “تصلنا طلبات من أقارب ومن متطوّعين … لكن ليس من الضحايا بشكل مباشر“.
اتّهم مسؤولون أوكرانيون كبار، بمن فيهم الرئيس فولوديمير زيلينسكي، القوات الروسية بارتكاب عنف جنسي ممنهج وواسع النطاق في أوكرانيا.
وقال زيلينسكي في أبريل إن القوات الروسية، التي تراجعت بعدما حاولت الاستيلاء على العاصمة الأوكرانية كييف، تركت وراءها “المئات” من ضحايا الاغتصاب وبينهم أطفال.
وتحدّثت وكالة فرانس برس مع امرأة في جنوب أوكرانيا قالت إنها تعرّضت للاغتصاب من عدة جنود روس.
وأعلنت كييف هذا الأسبوع أنها ستبدأ الإجراءات القانونية الأولى ضدّ أحد جنود موسكو بتهمة العنف الجنسي.
الناشطون المكلّفون مساعدة الأشخاص الذين دمّر الاغتصاب حياتهم، أول من يحاول إقناع هؤلاء بضرورة كسر الصمت.
وتقول يوليا أناسوفا، وهي محامية مع المنظمة الحقوقية الأوكرانية “لا سترادا” La Strada التي تعمل على تحقيق العدالة الجندرية وبناء السلام والحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، “معظم الضحايا غير جاهزين لتبليغ السلطات، وبعضهم أيضًا غير مستعدّ لتلقّي علاج طبي متخصص“.
توفر “لا سترادا” خطًا هاتفيًا لتلقي اتصالات ضحايا الاغتصاب وهي تلقت أكثر من عشرة اتصالات أبلغت عن 17 حالة اغتصاب، أحدهم رجل “قال إنه يشعر بالخزي من استشارة طبيب“.
وقال جميع من اتّصل بالجمعية الحقوقية إن جنود روس اغتصبوهم، داخل منازلهم، بحسب أناسوفا، لكن ثلاث ضحايا فقط قدّموا شكاوى رسمية.
وتضيف “هم أقلّ استعدادًا لتبليغ الشرطة من طلب علاج طبي“.
وتشير المحامية إلى أن المحققين في أوكرانيا، وهم غالبًا غير مدرّبين بشكل كافٍ على التعاطي مع ضحايا العنف الجنسي، حدّثوا مؤخرًا طرق عملهم، لكنهم ما زالوا يُخضعون الضحايا للعديد من الاستجوابات والفحوصات الطبية التي تتعارض مع التوصيات الدولية.

وقالت نائبة وزير الداخلية الأوكرانية كاتيرينا بافليشينكو إن وحدة شرطة متخصصة تعمل في منطقة كييف حددت 13 ضحية لانتهاكات جنسية يُقال إن جنود موسكو ارتكبوها.
غير أن المعالجة النفسية العسكرية ناتاليا زاراتسكا تعتبر أن لا يزال من المبكر جدًا أن تبحث الشرطة الآن عن ضحايا.
وتقول لوكالة فرانس برس “سيكون منطقيًا أكثر أن يتمّ التحدّث إليهم بعد ستة أشهر، عندما يصبحون متحكّمين أكثر بذكرياتهم“.
وتضيف “في التحقيقات الجنائية، نحتاج إلى معلومات، وليس إلى عواطف“.
وترى زاراتسكا أن هناك عملًا “ملحًّا” يجب القيام به من خلال “الذهاب إلى الضحايا” لأنهم “لن يأتوا إلينا“.
لذلك، تزور زاراتسكا بلدة بوتشا ثلاث مرات بالأسبوع على الأقلّ، والتي أصبح اسمها مرادفًا لفظائع قيل إن الجنود الروس ارتكبها، من ضمنها عمليات إعدام بإجراءات موجزة.
وانتشرت أحاديث خافتة عن العنف الجنسي الذي ارتكبه الجنود الروس في جميع أنحاء البلدة حيث عُثر على سكان مقتولين بالرصاص وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم بعد انسحاب القوات الروسية.
وقال السباك فولوديمير ستريليتس (45 عامًا) لوكالة فرانس برس في بوتشا “قال لي طبيب إن، طيلة شهر، لم تنقل سيارات الإسعاف سوى نساء” تعرّضن لعنف جنسي.
ويبحث أندري هالافين، وهو الكاهن الذي يرأس الكنيسة الأرثوذكسية المحلية، عن سبل لتوجيه الحديث مع السكان.
ويقول لوكالة فرانس برس في بوتشا “من الأفضل ألّا يتمّ التحدث عن ذلك … على الناس أن يمضوا قدمًا“.
لكنه سعى إلى طمأنة المؤمنين بأن “التعرّض للاغتصاب ليس خطيئة“.
تلفت زاراتسكا إلى أن عدد المعالجين النفسيين الموزّعين في بوتشا، وهم ثلاثة، ليس كافيًا، معتبرة أن المنطقة تحتاج إلى ما بين “12 و16” أخصائيًا.
وتضيف أن الضحايا كانوا يترددون في كثير من الأحيان في طرح موضوع تجربتهم، إلّا “عندما يكونون حول أشخاص يفهمون أن الاغتصاب في زمن الحرب هو شكل من أشكال التعذيب“.
وتوضح أن الضحايا يجب أن يشعروا بالاطمئنان حيال التعامل مع شهاداتهم بحساسية.
نشر عدّة مسؤولين، بشكل مثير للجدل، تفاصيل عن قصص الاغتصاب والاعتداء الجنسي، بمن فيهم المسؤولة عن حقوق الانسان في البرلمان الأوكراني ليودميلا دينيسوفا التي أُقصيت من منصبها بعدما تحدثت بالتفصيل عن حادثة تعرّضت خلالها فتاة إلى الاغتصاب باستخدام إحدى أدوات المطبخ.
وتتابع زاراتسكا “هذا غير أخلاقي على الإطلاق … قد يخلق صدمة ثانية. إذا كان المجتمع أكثر حساسية تجاه هذه القضية، قد نسمع قصص المزيد من الضحايا.

فرح

Exit mobile version