حوار مع الصانعة التقليدية خديجة بورحيم

فرح

المزج بين التقليدي والعصري صيانة للتراث المغربي والتسويق يقصم ظهر الصناعة التقليدية

كيف كانت بداياتك في الصناعة التقليدية؟

بدأت قصتي مع الصناعة التقليدية عندما انقطعت عن الدراسة لأسباب مادية، كوني أقطن في قرية صغيرة تبعد عن المدرسة بأربعة كيلومترات، ولم تكن قريتنا حينها تتوفر على أية وسيلة من وسائل النقل، فكنت أقطع هذه المسافة مشيا على الأقدام أربع مرات في اليوم، وعلى الرغم من كل هاته الظروف كنت تلميذة مواظبة مجتهدة، أحب المدرسة وأرغب في التعلم، إلا أنه مع حلول فصل الشتاء، تصبح الظروف أكثر قساوة وصعوبة، إذ كنت أقطع أضعاف هذه المسافة عبر قنطرة ووسط الغابات حتى أصل إليها. وهنا قررت أمي فصلي عن الدراسة.  

في بادئ الأمر، أصبت باكتئاب لازمني لمدة سنة كاملة، لأنني لم أتقبل هذا القرار المفاجئ الذي كان وقعه على نفسيتي قاسيا وصعبا. وتزامنا مع ذلك، بدأت أمي تفكر في حل يخرجني من كآبتي، فقامت بتسجيلي في التكوين المهني بشعبة الخياطة التقليدية موسم 2006-2008، حيث درست الخياطة لمدة سنتين وحصلت على دبلوم. جلست في المنزل لمدة 4 سنوات بسبب مشكل الإمكانيات.  

وبعد أربع سنوات من حصولي على دبلوم الخياطة، لم أتمكن من العمل طيلة هذه المدة بسبب نقص في الإمكانيات، وفي سنة 2013 قررت تعلم الطبخ، ودرست هذا المجال لمدة سنة إلى أن حصلت كذلك على دبلوم. وفي سنة 2015 ولجت عالم صناعة الحلويات، درست لمدة سنة ونلت ديبلوما آخر سنة 2016.  

ورغم كل هذه المجهودات التي بذلتها لنيل هاته الديبلومات، إلا أن مشكل الإمكانيات التي تتيح لي مزاولة حرفة من هاته الحرف التي تعلمتها، لا يزال واردا.  

في ذلك الحين، كانت أمي تعمل على استخلاص زيت الأركان من المنزل، ومن هنا كانت بداية اشتغال يفي زيت الأركان. فكرت بداية في تأسيس تعاونية سنة 2017 لأنني كنت أتوفر على المادة الأولية، حيث كنت أجني ثمار الأركان من الأشجار التي كانت تمتلكها أمي، ثم أقوم باستخلاص زيوتها، قبل البحث على نقط بيعها، إلى أن وجدت “دار المعلمة” التي أتاحت لي فرصة المشاركة في العديد من المعارض من أجل تقديم منتوجي (الأركان)، وأنا جد ممتنة لذلك. 

وبعد ذلك، تمكنت من استئجار محل للعمل ظل صامدا لمدى خمس سنوات، قبل أن ينقلب كل شيء رأسا على عقب مع حلول جائحة كورونا، حيث بدأت معاناة من نوع أخر دفعتني إلى فسخ عقد كراء المحل، وبالتالي حطمت كل الأحلام التي رسمتها من قبل. 

 لماذا انتقلت من الزيوت إلى الألبسة؟

 توقفت تعاونية زيت الأركان عن العمل بعد المعاناة التي واجهتها بسبب الجائحة، الأمر الذي دفعني للتفكير في العودة إلى دراسة الخياطة التقليدية، فأتاحت لي هذه العودة دراسة الخياطة العصرية التي انتهيت من دراستها وتعلم تفاصيلها سنة 2022.  

شرعت في الاشتغال بهذه المهنة. بدافع الحب والشغف، فكانت نتائجها مرضية، سيما وأنني دائما ما أسعى إلى التعلم والتحصيل لتطوير هذه الحرفة، وإعطاء كل ما يمكن إعطاؤه، وأتمنى مستقبلا أن أصبح مصممة أزياء مشهورة، وأن يصل اسمي للعالمية، لأن فن الخياطة يعد سلاحا قويا للمرأة ضد الفقر، كما أنها مهارة فنية تتناسب مع مميزات المرأة في الدقة وقوة الملاحظة ورقة التعامل مع الأقمشة. .

 لماذا المزج بين التقليدي والعصري؟ هل فقط للاستجابة إلى ذوق الجمهور؟ 

 مزجت بين التقليدي والعصري من أجل الحفاظ على تراثنا المغربي التقليدي من جهة، وتطويره عن طريق إضفاء لمسة شخصية عصرية من جهة أخرى، وبهدف تنمية يد المرأة الصانعة. كما كان الدافع وراء المزج بين كل ما هو تقليدي وما هو عصري، الاستجابة وتلبية لأذواق الزبائن. 

 ما هي أهم المشاكل التي تعترض عملك؟

لعل عملية التسويق هي أكبر المشاكل التي تعترض عملي، إذ أجد صعوبة بالغة في بيع ما أقوم بإنتاجه رفقة الصانعات اللواتي يعملن إلى جانبي. وذلك عائد إلى ضعف وقلة فرص التسويق التي تعاني منها جميع شعب الصناعة التقليدية بالمغرب، الأمر الذي يؤدي إلى عزوف الحرفيين عن الاستمرار في المهنة. وبالتالي قد تتعرض هذه الحرف التقليدية إلى الضياع.   

كما آمل في أن يكون لي محل بموقع تجاري لعرض منتجاتي، من أجل تسريع وتسهيل عملية البيع، وتشجيع الصناعة التقليدية والحفاظ عليها الاندثار، سيما وأننا نواكب عصر الرقمنة والتكنولوجيا.

هناك من يقول ان الصناعة التقليدية في المغرب مهددة بالزوال. ما رأيك؟ 

 فعلا، الصناعة التقليدية في المغرب أصبحت على حافة الاندثار والزوال، بعدما كانت تحقق لصناعها أربحا، وتغطي تكاليف الأسر في الحياة المعيشية. ولإنقاذها من براثن الضياع، وجب على كل معلمة للصناعة التقليدية أن تعطي كل معرفتها الحرفية للنساء المتعلمات، حتى يتمكن بدورهن من نقلها إلى نساء أخريات، وهكذا يمكننا ان نحافظ على صناعتنا وتراثنا التقليدي المغربي العريق.

Exit mobile version