في حوار مع بديعة الراضي رئيسة رابطة كاتبات المغرب وافريقيا
المشترك في الإبداع الافريقي تفرضه الذاكرة والتاريخ وأنماط العيش.
أجرى الحوار: علاء البكري
في حوار مع “مجلة فرح”، قالت الكاتبة المغربية بديعة الراضي أن هناك مشترك قوي بين الإبداع الإفريقي، وهو المشترك الذي يفرضه المجال، ويفرضه الإنسان الإفريقي والذاكرة والتاريخ والتشابه القوي في أنماط العيش والقناعات والاختيارات والإحساس بالفوارق على مستوى الضفاف، والمطالبة بالحقوق والسعي إلى التكافؤات. وأضافت رئيسة رابطة كاتبات المغرب وإفريقيا أن كل هذه العوامل هي صور عامة تلتقطها عين الكاتب والكاتبة الإفريقية لتصريفها جمالا في كافة الأجناس التعبيرية الإفريقية بلغة المذكر والمؤنث.
س 1/ مازال مصطلح الكتابة النسائية يثير التساؤلات لدى النقاد والمهتمين، من موقعك ككاتبة رواية ومسرحية كيف تقرئين هذا المصطلح؟
ج/ بالفعل أنا مثلك أطرح نفس التساؤلات ، لماذا يجتر هذا المصلح مختلف التساؤلات في المشهد الثقافي، علما أن مختلف العلاقات بين الجنسين، أقصد رجل وامرأة مازالت تثير العديد من التساؤلات في تنظيمها مجتمعيا، في كافة الواجهات.
من هذا المنطلق فإن كل ما يدخل في دائرة الفعل النسائي، أو الفعل الذي تقوم به المرأة يحتاج إلى تنظيم داخل المجال، في بنية مجتمعية تضم العلاقة بين الفعل النسائي والفعل الرجالي كي لا أقول الذكوري.
لكن موضوع الكتابة يختلف، سواء كان بفعل الكاتبة أو فعل الكاتب، لأن العلاقة هنا هي علاقة إبداعية، تتعلق بالرغبة والقدرة والإرادة والمعرفة، كما تتعلق بالإنتاج وصياغة الخطاب الذي يستمد قدرته وابداعيته من التمكن من اختراق المجالات لتشكيل نص ابداعي ينتزع جماليته وعمقه وكينونته وهويته بناء على سؤال دقيق وعالم وعارف بدلالاته ومجال اشتغاله.
س2/ لكن أكيد أن هناك خصوصية في ما تكتبه الكاتبة وما يكتبه الكاتب؟
ج/ نعم هناك خصوصية، لكن ليس في الفرق بين الكاتب والكاتبة وما يكتبه كلاهما، بل الخصوصية تتعلق بالفرق بين كاتبة وكاتبة وكاتب وكاتب، وكاتبة وكاتب، أي أن لكل كاتب أو كاتبة مدرسته في الكتابة يتشابه فيها مع كاتب وكاتبة من نفس التوجه في منهجية الكتابة وآليات الاشتغال .
فإذا تحدثنا مثلا عن الشعر نجد هذه الأنماط المتداخلة في الكتابة والمقتنعة بمدارس معينة حداثية أو تقليدية أو كتابة متجاوزة وثائرة على التصنيف، نفس الشيء نجده في المسرح والرواية والقصة إلى غير ذلك من الأجناس التعبيرية.
س 3/ هناك العديد من النقاد الذين شرحوا كتابات نسائية إبداعية يقرون بأن توظيف تجارب المرأة ومشاعرها تضفي على الابداع سمات مغايرة ؟
ج/ نعم هناك من يذهب في تحليلاته للكتابة النسائية إلى القول أن “المرأة أخذت مسؤولية التعبير باستنطاق مشاعرها بشكل مغاير لمنحى الكاتب، وأن الخصائص تختلف وحتى المواضيع التي تتناولها الكاتبة هي تخصها وحدها، كما أن هذه المواضيع تنتمي إلى مجالاتها وفضاءاتها وأسرارها والعلاقة والحدود مع المجتمع الرجالي”، إلى غير ذلك من التفسيرات التي أعتبرها ككاتبة مجرد إسقاطات على الإبداع نفسه، ولهذا أنا أدعو الناقد الذي يتبنى هذا المنظور أن يعيد النظر في هذا الخطاب المنطلق من خارج النص، وأن يتعامل مع النصوص في معزل عن كاتبه أو كاتبته.
ولمزيد من التوضيح فإن العديد من الكتاب يكتبون من موقع المؤلفة الضمنية والعكس صحيح فهناك من الكاتبات يكتبن من موقع الكاتب الضمني، ومن هذا المنطلق تبدو ثنائية الكاتب والكاتبة غير محددة بما ذهب إليه نقاد الخصوصية التي تسعى إلى خلق مسافة بين ما يكتبه الكاتب وما تكتبه الكاتبة، إلى خصوصية أخرى تتعلق بنمط الإبداع ومدارسه، وآليات اشتغاله وجماليته.
س4 / مادمنا نتحدث عن الخصوصية في هذا المنحى الذي أشرت إليه ، ومن موقعك كمطلعة على الإبداع النسائي المغربي والإفريقي، هل هناك مشتركا بين الإبداع النسائي المغربي والإفريقي ؟
ج/ يعرف الإبداع النسائي المغربي تطورا ملحوظا في كافة الأجناس، ونجد اليوم كاتبات يكتبن بشكل محترف في الشعر والرواية والقصة والمسرح بأبعاد ودلالات تعبيرية عالمة وعارفة ومطلعة وعميقة وبكافة اللغات العربية والأمازيغية والفرنسية والانجليزية والاسبانية والروسية.
وإذا اطلعنا على الثيمات الموظفة في هذه الأنماط فلا يمكننا أن نخفي المشترك النفسي كثقافة الإحتجاج ورفع أشكال الظلم على الشخوص رجلا أو امرأة من داخل النص، مما يكشف عن خصوصية في الإنشغالات التي ليس بالضرورة أن تكون انشغالات الكاتبات وهذا ما أشرت إليه في البدء.
من هذا المنحى ومرورا إلى السؤال عن الإبداع الافريقي بصفة عامة والمغربي منه، هناك مشترك قوي يفرضه المجال، ويفرضه الإنسان الإفريقي والذاكرة والتاريخ والتشابه القوي في أنماط العيش والقناعات والاختيارات والإحساس بالفوارق على مستوى الضفاف، والمطالبة بالحقوق والسعي إلى التكافؤات.
كل هذه العوامل هي صور عامة تلتقطها عين الكاتب والكاتبة لتصريفها جمالا في كافة الأجناس التعبيرية الإفريقية بلغة المذكر والمؤنث.