أخبارأنا وأنتِ

الموت أنثى لا تتجمّل

الموت أنثى تسلبكَ من الحياةِ لأنها تغار.

بقلم شكري ابورؤى

ماذا قد تريد من الحياة الآن، غير هذه اللحظة؟

ماذا لك أن تريد الآن من الحياة، غير امرأة تشع بعطرٍ أهديتَه لها في حياةٍ سابقة؟

لعله هيرميس تحديداً…

أو لعله نارثيسو رودريغيث، أقلَّ تحديداً…

أو لعله أي عطرٍ، أكثرَ تحديداً…

ماذا لك أن تريد من الحياةِ الآنَ سوى هذه القطةِ المشاغبة التي ترنو لمداعبةٍ مِنّي؟

تضيق رئتاك عن الهواء.

وتضيق رئتاك بدخان السيجارة.

وتضيق أنفاسُكَ بتفاهة المعنى.

وبين الضيق، والضيق، والضيق الآخر، تتساءلُ: ماذا تنتظر الموتُ الآنَ؟

الموت أنثى تسلبكَ من الحياةِ لأنها تغار.

الموتُ امرأةٌ غَيور.

فلماذا ليس الآن؟

تريد الحياة لها…

وتريد حياتك لها، وحدها… لها.

فلماذا ليس الآن؟ لماذا التأجيل؟ والألم؟ والمعايدات؟ والأكاذيب؟

لماذا تأجيلُ ما هو حتميّ؟ دون ألم؟ دون عطَلٍ؟ دون إمعانٍ؟ ودون مَذلّة؟

ومع ذلك، ينبغي الاعتراف بأن الموت أنثى لا تتجمّل.

لا وجهَ لها في الصباح، وآخرُ في المساء.

لا وجهَ لها في المسرات، وآخرُ في الأحزان.

***

أعرف وجه الموت.

ألفتُه منذ نعومة الأظافر… واقعاً ومجازاً.

فماذا تنتظر الآن؟ ألا تشفعُ الألفةُ وعشرةُ السنين؟

طال انتظاري عزيزتي.

لماذا لا تأتين الآن؟

دون حروب، ولا وزرات بيضاء؟

لماذا لا تأتيكَ الموتُ الآن أيها الشقيّ؟

بكامل عنفوانها؟

وكامل أنوثتها؟

وكامل السادية القابعة فيها؟

***

أي عنفوان أيها المغفل؟ وأية أنوثة؟

للموت عنفوانُها عندما أتعب من أراجيفكم وتفاهاتكم.

وللموت أنوثتُها عندما تصبح الحياة وحشاَ يلتهم الأخضر فيكَ ولا يترك اليابس.

الموت.

الآن.

وإلا أبداً.

***

جميل أن نموت أمام لوحة تشكيلية.

وجميل أن نموت ونحن نأكل سلطةَ الأفوكادو والقمرون.

وجميل أن نموت ونحن نحب.

وأجمل منه أن نموت ونحن نمارس الجنس مع مَن نعشق ممارسةَ الجنس معه.

الجنس حياةٌ، وموت.

حياةٌ لك، ومنك، وبك.

وموتٌ في الآخر.

والحياة كامنةٌ في ذاك الآخر، ولو كان لك.

ومنك.

وبك.

وفيك.

أنت.

***

جميل أن تعيش مطمئناً يا أنت.

لكنّ الأجمل أن تموت مطمئناً.

والموت أنثى لا تتجمّل.

لا وجهَ لها في الصباحِ، وآخرُ في المساءْ.

لا وجهَ لها في المسراتِ، وآخرُ في الأحزانِ.

الموتُ موتٌ. وكفى.

فلماذا لا تأتي الآن؟

دون حروبٍ، ولا وِزراتٍ بيضاء؟

***

لماذا لا تأتي الموتُ الآن، دون أسِرّتِكُم البيضاءِ وآلامِ هذا الجسدِ الذي نهشتْهُ تفاهاتُكم؟

الموتُ جميلٌ، ولا أقبحَ من الجحود والتفاهة والألم النّاجِمِ.

جميلٌ أن تعيش مطمئناً.

لكنّ الأجمل أن تموت مطمئناً.

والموت أنثى لا تتجمّل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى