أخبار

قصة باريس في عالم الطبخ منذ القرن العاشر

- فرح -

معرض ينطلق  من مقر لاكونسييرجي الملكي السابق في باريس، يحكي قصة مدينة فرضت نفسها منذ القرن العاشر عاصمة عالمية لفن الطبخ، مع شهادات تعكس الخبرة الواسعة في هذا المجال، وصور، وحكايات، غذتها على مدى عقود الهالة الرومنسية والشعبية والحريات التي تتمتع بها العاصمة الفرنسية منذ القرون الوسطى حتى أيامنا هذه.

ويصرح أمين المعرض، الصحفي المتخصص في المطبخ فرنسوا ريجيس غودري،  أن باريس لا تحتكر فن الطهو في العالم، إذ ثمة منافسة قوية تدور منذ عقود مع مدن أخرى، مثل نيويورك ولندن وطوكيو، التي تضم عدداً أكبر من المطاعم الحائزة نجوماً في دليل ميشلان.

وعلى الرغم من ذلك، وكما يظهر في المعرض الذي يحمل عنوان “باريس، عاصمة فن الطهو من العصور الوسطى حتى يومنا هذا”، فإن العاصمة الفرنسية تتمتع “بمكانة فريدة، بوصفها نقطة حفظ لتراث الطعام العالمي، وأيضاً مختبراً” يضم أفضل مدارس المطبخ التي تجذب المواهب الشابة من جميع أنحاء العالم.

بدوره، يشير فرنسوا ريجيس غودري إلى أن مأدبة الملك شارل الخامس عام 1378، التي أشرف عليها الطبّاخ الكبير تايفان، تُظهر أن القرون الوسطى كانت تضم فن طهو راقياً، وليس فقط مطبخاً غنياً بالتوابل التي كانت تُستخدم لإخفاء طعم اللحوم الفاسدة.

وحسب المؤرخ في المعهد الأوروبي لتاريخ ثقافة الغذاء في مدينة تور الفرنسية، لويك بياناسي، فإن التفوق الفرنسي في فن الطهو يعد حديثا نسبياً، فهو يعتمد بدرجة كبيرة على الصورة المرسخة عن العاصمة الفرنسية في المخيلة الجماعية، ولكن أيضاً على ترويج ذكي.

وقد بدأت باريس تحتل مكانة خاصة في تاريخ الطبخ منذ القرن الثامن عشر، إذ كانت تُنشر فيها كل كتب الطبخ الجديدة، وشهدت تطوير ابتكارات غذائية استحالت من أشهر الأطعمة، كخبز الباغيت والكرواسان… إضافة إلى أطعمة يوحي اسمها بأنها من مناطق فرنسية أخرى، بينها طبق لحم بقر بورغينيون وصلصة البيارنيز.

لكن ما الذي يميز باريس عن غيرها من العواصم الأوروبية؟

يجيب المؤرخ بياناسي أنه “في البلدان البروتستانتية، كان أي ترويج للطعام الجيد سيواجَه مجموعة كاملة من المحاذير الثقافية والنفسية، ما منع مدناً مثل لندن وأمستردام من الاستحواذ على هذه المكانة”.

ومع ذلك، فإن فن الطبخ الإنكليزي “لم يكن مرذولاً، بل على العكس تماماً”، إذ كانت أطباق لحوم البقر تحظى بتقدير خاص في باريس نظراً للجانب الذكوري المرتبط بها في القرن التاسع عشر. وباعتبارها أول دولة صناعية، دخلت بريطانيا “بسرعة كبيرة عصر الحداثة في مجال الطعام” من خلال التخلي عن منتجات الأراضي المحلية. وفي مواجهة إسبانيا وإيطاليا، استفادت “النزعة المركزية الفرنسية” من نفوذ المطبخ الفرنسي،

لكن ظهور مفهوم المطعم الذي رأت قواعده الحديثة النور في باريس (طاولات فردية، قائمة طعام، فاتورة)، “هو الذي رسّخ هذه المكانة، إذ بات في إمكان أي زائر أجنبي تذوق المأكولات الباريسية”.

إن هالة باريس المطبخية تستمد وهجها من كل ما يغذي المخيلة العامة، وهالة التحرر جزء من ذلك. هذه المخيلة التي روج لها الأدب كانت سائدة في القرن التاسع عشر، وفق المؤرخ بياناسي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى