أخبار

أدونيس: كتابة المرأة تحتاج للاعتراف، وأحمد شوقي لم يضف شيئا للشعر العربي

متابعة: علاء البكري

خلال الدورة الثامنة من برنامج إثراء القراءة “اقرأ”، الذي أقيم في مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي، قال الشاعر السوري علي أحمد سعيد إسبر، المعروف بأدونيس، “إن ما تكتبه المرأة العربية اليوم أكثر أهمية مما كتبناه نحن (السياب ودرويش وقباني…)، لأنها بدأت تخرج من رأسها الثقافي، وتكتب جسدها العميق الحقيقي، وتفتح طريقا جديدا للتعبير، وأفقا آخر غير معروف في الكتابة الشعرية العربية، لكن مازلنا نتردد في الاعتراف بذلك”.

وفي  هذه الجلسة الحوارية المثيرة للجدل على مسرح “إثراء” بمدينة الظهران، فتح أدونيس النار على الشاعر الراحل أحمد شوقي، حيث تساءل قائلا:”في حال وضعنا أحمد شوقي مع الشعراء من أمثال البحتري وأبي تمام والمتنبي، وسألنا عما أضافه أمير الشعراء إلى هؤلاء الذين استعار منهم؟ فإن الجواب أنه لم يضِف شيئاً على الإطلاق”.

من جهة أخرى، قال الشاعر السوري علي أحمد سعيد إسبر المشهور باسم أدونيس “إننا محصورون بين هوية الاستعادة وتكرير الأسلاف، وهوية الاستعارة أي استعارة ذواتنا من الآخر؛ ومازلنا محصورين في الاتجاهين”، ثم استدرك قائلا: “هناك محاولات للخروج منهما”.

وأشار إلى أننا مانزال اليوم نكتب برأسنا، نكتب الشعر ثقافيا. أما عوالم الجسد والمخيلة والانفعالات والغضب، وكل ما هو مرتبط بالكينونة الإنسانية العميقة لم ندخلها أبدا، وهي الجسد؛ فالرأس مشترك، والجسد مختلف عميق شخصي، يميزني عن الآخر. والفرق بين شاعر وشاعر (اليوم) في المعرفة اللغوية والثقافة، لا في الشعرية وفتح أفق جديد لها.

وذكر صاحب “مقدمة للشعر العربي” أنه قد حاول الاستناد على النص القرآني في كتابة الشعرية العربية؛ باعتبار النص القرآني عظيم ككتاب، ويمكن أن يدعم “مشروع الكتابة العربية، فيمكن استلهام السور بوصفها كتابة، بصرف النظر عن كونها وحيا. ولا أدري هل يجوز لي هذا”.

وتابع: “السورة القرآنية تبدو كتابيا، بصرف النظر عن المضمون، حديثة مفتوحة (…) وهذه السورة نموذج أساسي لكتابة الشعر نثرا، وإعطاء نوع من المشروعية لكتابة الشعر نثرا”.

ثم أضاف “عمقيا النص القرآني كوحي ألغى الشعر، والنبي أجاد استخدام الشعر إذا كان امتداحا للوحي والنبوة، واستخدم الشعر للمرة الأولى إيديولوجيا من طرف الإسلام، والشعر الإسلامي حصرا لم يكن شعرا مهما، ولو أنه نقل أفكارا”.

وانتقد أدونيس “ربط الشعر عضويا بالحياة الاجتماعية، وتوظيفه”، قبل أن يزيد: “لا يوجد شاعر كبير متدين”، مستحضرا مثال “الشاعرين العالميين (…) المهملَين”، أبي نواس وأبي العلاء المعري.

كما ذكر الشاعر السوري أن “الشعر العربي لانعدام الكتابة عند نشأته ارتبط بالغناء والسماع، وهذا سبب من أسباب وضع الأوزان المساعدة على الحفظ والسماع”، ثم زاد معلقا: “لكن هذه ليست صفة نهائية”؛ فالشعر “صار، بعد ذلك، مقروءا لا مسموعا فقط”، و”شعرنا اليوم يكتب ويسمع بطرق مختلفة جذريا عن الماضي”.

وحول الشعر الذي “يتواصل بتنويعات متأثرة” بالشعر العربي القديم، قال المتحدث: “لا تزال المؤسسة، أي المدرسة الجامعة والثقافة العامة، مرتبطة بمفهومات الشفوية والغناء والأوزان؛ لكن الحياة اليومية لم تعد مرتبطة بهذا إطلاقا، والكتابة العربية اليوم للشعر تختلف جذريا عن الكتابة في الماضي، وقد اختلفت منذ العصر العباسي”.

وقال أدونيس إن نقده مزدوج: “للمدافعين عن التراث” وللصف الذي يحسب عليه، مرده إلى وجود “انفصام عند الاتجاهين”؛ فـ “كلمة الحداثة واسعة ومتنوعة بحيث لا نستطيع حصرها في خانات ومفهومات، وفرق كبير بين الحداثة عند العرب والحداثة عند أوروبا؛ وبناءُ المؤسسة التي تستقبل هذا اللقاء حديث جدا، لكن يتقبله العربي أكثر من تقبله لشاعر يريد أن ينشئ في الشعر شيئا مختلفا، فلماذا يُقبل ذاك ولا يقبل هذا؟ علما أن البناء يمكن توظيفه، لكن الشعر غير ممكن التوظيف، إلا توظيفا يسيء إليه، سواء كان سياسيا أو إيديولوجيا”.

كما رفض أدونيس اعتبار كل من يكتب بوزن أو بدونه “شاعرا”.

وسجل المتدخل أن “مشكلة الحداثة نشأت مع بشار بن برد، ولقرنين ظل النقاد يناقشونها”؛ لكن “بدل أن نعود إلى هذا النقد الغني جدا، الذي بدأ مع بشار، لم ننتبه إليه، وبدل أخذ مشكلة الحداثة من تراثنا، أخذناها من الغرب الذي نشأت فيه بشروط وظروف مختلفة تماما عن حياتنا وظروفها وأفقها”، قبل أن يجدد دعوته إلى “إعادة النظر” و”النقد المزدوج للقدامى والمحدَثين”.

ويعتبر أدونيس  رائد الحداثة العربية، وهو علي أحمد سعيد أسبر، شاعر سوري، عرف بلقبه (أدونيس)، واشتهر به، ويعد ظاهرة متميزة في الشعر العربي، وأحد مهندسي القصيدة العربية، ورائد الحداثة العربيية، فهو يعتبر منظرها الأكبر، وشاعرها الأكثر تجسيدا لها. واتسم فكره بالتَّجدد، والبعد عن النموذجية، والنمطية. ويشكل أدونيس من الناحية الفكرية والإبداعية مادة متجددة للإنطلاق، نحو الكشف عن الكثير من قضايا تطور الفكر وتجدده، والدس الشعري وحداثته، يعد أدونيس قمة من قمم الشعر العربي المعاصر، شغل النقاد بتوجهاته النقدية، وطاول بقامته شعراء الأمة.

ومن بين أشهر مؤلفاته “مقدمة للشعر العربي”، “زمن الشعر”، “الثابت والمتحول: بحث في الإبداع والاتباع عند العرب”، “ها أنت أيها الوقت”، “موسيقى الحوت الأزرق”…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى