يُعد قطاع السياحة من الركائز الحيوية للاقتصاد المغربي، بفضل ما يزخر به المغرب من ثروات طبيعية وتنوع جغرافي فريد، حيث يطل على واجهتين بحريتين، الأطلسي والمتوسطي، وتحتضنه سلاسل جبلية مهيبة كجبال الريف والأطلس، التي تعلوها قمم شاهقة مثل توبقال وأكايمدن، إضافة إلى مساحات صحراوية خلابة تتخللها واحات فريدة بتنوعها وغطائها النباتي والحيواني .
هذا الغنى الطبيعي والثقافي يُوفر أرضية خصبة لتنمية ريادة الأعمال، ويُتيح فرصًا واعدة في مختلف مجالات السياحة. وفي قلب هذه الدينامية، تبرز المرأة المغربية كركيزة أساسية لتحقيق نمو شامل ومستدام. ومع ذلك، لا تزال مساهمتها في القطاع محدودة، إذ لا تمثل إلا 15% من الفاعلات في أنشطة السياحة (الفندقة، وكالات الأسفار، السياحة البيئية، والصناعات التقليدية).
فهل يعود هذا الحضور الضعيف إلى نقص في المعلومات؟ أم إلى غياب الجرأة؟ أم إلى محدودية الموارد المالية والتأطير؟
فرص واعدة بانتظار استثمار نسائي جماعي
تشكل مجالات الإيواء والتنزه فضاءً مثالياً يمكن للمرأة المغربية الاستثمار فيه، خاصة في المدن العريقة مثل الرباط، سلا، مراكش، فاس، طنجة، آسفي والصويرة، التي تحتضن منازل تقليدية ذات طابع معماري أصيل، يُمكن تحويلها إلى رياض أو دور ضيافة ذات طابع سياحي منفرد وجذاب. وتُعد هذه الصيغة من الإقامة محطّ اهتمام متزايد، خاصة من طرف السياح الباحثين عن تجربة ثقافية وإنسانية مميزة.
وعلاوة على العرض الحضري، يزخر الوسط القروي والجبلـي بفرص مهمة لا تقل جاذبية، من خلال النزل البيئية والجولات الطبيعية، التي تُحقق نجاحاً كبيراً لدى السياح المحليين والأجانب. هذه المشاريع، التي يمكن أن تُدار جماعياً من طرف النساء والشباب في المناطق القروية، تُمكّن من تحقيق دخل قارّ ومستدام، إلى جانب دورها في الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي المحلي.
المعارف التقليدية: تراث حي وفرصة اقتصادية
تشكل المعارف التقليدية رافداً جوهرياً من روافد السياحة الثقافية والحرفية. فمنتجات مثل الزرابي، الفخار، السلال، النسيج، والقفاطين، تُعد ذات قيمة جمالية وتراثية عالية، وتحظى بإقبال من طرف السياح والمواطنين على حد سواء.
ورغم هذا الغنى، يواجه هذا القطاع تحديات تعيق تطوره وانتشاره. وحسب إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط لعام 2023، يبلغ عدد النساء الحرفيات اللواتي يمتلكن هذا النوع من المعارف أكثر من 242 ألف امرأة. لذا، فإن تمكين المرأة الحرفية وتوفير ظروف أفضل لتسويق منتجاتها، يجب أن يشكل أولوية وطنية.
رفع العوائق: التكوين، التمويل والدعم الهيكلي
ورغم توفر الفرص، فإن الاستثمار في هذه المجالات يواجه عراقيل يجب التعامل معها بحزم. من أبرزها:
- ضعف التكوين والتأطير المعرفي
يُعد نقص المهارات في مجال الإدارة والتسيير وريادة الأعمال من أبرز التحديات. لذلك، فإن تعزيز الكفاءات، والولوج إلى التكوين المستمر، وتبني الرقمنة، تُعد عوامل ضرورية لتوسيع نطاق الأنشطة النسائية في هذا المجال. هناك حاجة إلى تعبئة وطنية متكاملة لبناء منظومة دعم لريادة الأعمال النسائية وتعزيز الشبكات المهنية.
- صعوبة الولوج إلى التمويل
تشير معطيات المندوبية السامية للتخطيط (2022) إلى أن النساء لا يحصلن سوى على 5% من القروض البنكية. ويُعد غياب الضمانات، وضعف ثقة المستثمرين، من بين أهم الحواجز أمام نمو مشاريعهن. ورغم ذلك، فإن المغرب يتوفر على عدد من المبادرات التي تُعزز ريادة الأعمال النسائية، منها على سبيل المثال: مؤسسة Impact، المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومؤسسات التمويل الأصغر مثل مؤسسة الأمانة Fondep والتي توفر الدعم المالي والتقني الضروري لانطلاقة ناجحة.
في افق 2030
يظهر جلي الدور التي يمكن للنساء ان تلعبنه في اغناء العرض السياحي ببلادنا خاصة ان هادا العرض يغطي قطاع سياحي متخصص. يركز على تلبية حاجات ورغبات فئة معينة من الزبائن الذين لديهم اهتمامات أو متطلبات مميزة دقيقة وواضحة وهي كدلك فرصة لبناء علاقة وثيقة مع السياح المغاربة والأجانب على دح سواء وتحقيق استمرارية طويلة الأمد للمؤسسة..
فوزية طالوت المكناسي



