فاعلات في القطاع السياحي: زينب بوتخوم

- Advertisement -

في ربوع المغرب، من أعالي جبال الأطلس الى تخوم الصحراء إلى أزقة المدن العتيقة، تبرز نساء استثنائيات يشقُقن طريقهن بثبات في مجالات ظلت لعقود حكرًا على الرجال ان هن الفاعلات في القطاع السياحي.

في هذا العدد من مجلة فرح، نلتقي بامرأتين ملهمتين، حملتا الشغف والهوية المغربية على عاتقهما، وجعلتا من تجربتيهما قصة نجاح حقيقية.
من زينب بوتخوم، رائدة الأعمال ومرشدة الجبال في ورزازات، التي حولت حبها للطبيعة وفن الطبخ المغربي إلى مشروع سياحي مستدام يخدم نساء القرى إلى ليلى العمارة، ابنة فاس، وأولى النساء المغربيات اللواتي اقتحمن مجال الإرشاد السياحي الوطني، دفاعًا عن التراث المغربي وتقديمه للعالم بعيون نسائية واعية وفخورة بجذورها.

في هذين الحوارين الحصريين، تحكي كل من زينب وليلى عن بداياتهما، التحديات التي واجهتاها، والآمال التي تحركهما، كما تقدمان رؤى ملهمة للشباب والفتيات الطامحين إلى شق طريقهم في مجالات السياحة، الثقافة، والتنمية المحلية.

زينب بوتخوم: رائدة أعمال ومرشدة الجبال، المتوجة بوسام ملكي 

 في أعالي جبال الأطلس الكبير، حيث تلتقي الطبيعة الشامخة بروح الإنسان الأمازيغي، بدأت قصة زينب بوتخوم، مؤسسة ومديرة إحدى دور الضيافة بورزازات. بشغفها العميق بالطبيعة، وعشقها الكبير لفن الطبخ المغربي، استطاعت زينب أن تفتح آفاقًا جديدة أمام المرأة  القروية عامة والجبلية  خاصة، وتضع بصمتها في قلب السياحة الجبلية المستدامة. في هذا الحوار الخاص مع مجلة فرح، تحكي زينب عن مسيرتها، والتحديات التي واجهتها في مجال الإرشاد السياحي الجبلي.

زينب بوتخوم

من هي زينب بوتخوم؟

أنا امرأة مغربية أنحدر من منطقة أيت بوكماز في أعالي الأطلس الكبير. بدأت مسيرتي في مجال الإرشاد الجبلي سنة 1995، في وقت كان هذا التخصص شبه مقتصر على الرجال. أحب مرافقة السياح لاكتشاف جمال الصحراء، وساحل المحيط الأطلسي، ووديان الأطلس الكبير. إلى جانب ذلك، أملك رفقة زوجي، جان بيير داتشارري، مشروع بيت ضيافة في ضواحي مدينة ورزازات، بالقرب من بحيرة سد المنصور الذهبي، حيث نستقبل السياح من مختلف أنحاء العالم.

كيف كانت البدايات في مجال الإرشاد الجبلي؟ وما أبرز التحديات؟

لم تكن البداية سهلة، خصوصًا في مجتمع تقليدي لم يعتد وجود امرأة في هذا النوع من المهن. واجهت صعوبات كبيرة في نيل الثقة وإثبات جدارتي، خاصة عندما تقدّمت لاجتياز امتحان الإرشاد الجبلي بمدرسة تابانت بإقليم أزيلال سنة 1995، بعد أن رُفض طلبي أكثر من مرة لمجرد كوني امرأة. كما أن متطلبات المهنة الجسدية والبيئية لم تكن سهلة. ومع ذلك، ساعدني شغفي بالطبيعة وإيماني بدور المرأة في هذا المجال على الاستمرار وتجاوز كل العقبات.

زينب بوتخوم

كيف نشأت فكرة دار الضيافة؟ وكيف تطور المشروع؟

بدأت قصة دار الضيافة عندما شرع زوجي، جان بيير، في البحث عن منزل قديم بضواحي مدينة ورزازات. ونظرًا للظروف المادية آنذاك، لم يكن بإمكاننا الإقامة في المدينة، فاخترنا العيش في بيت صغير وبدأنا في تأهيله، رغم افتقاره للماء والكهرباء.
ومع مرور الوقت، اقترح علينا بعض السياح الذين كنا نرافقهم لاكتشاف المناطق الجبلية أن نحوّل المنزل إلى بيت ضيافة. وهكذا وُلدت الفكرة.

كيف تساهم السياحة المستدامة في تنمية المناطق الجبلية والقروية؟

السياحة المستدامة تفتح آفاقًا وفرص عمل حقيقية لأبناء المناطق الجبلية، وتُسهم في الحفاظ على التراث الثقافي، إلى جانب تعزيز الاقتصاد المحلي دون الإضرار بالبيئة. إنها وسيلة فعالة لربط السياح بالثقافة المحلية، وتوفير موارد مالية للمجتمعات القروية بشكل مستدام.

كيف يتفاعل السياح الأجانب مع حياة نساء الأطلس؟ وماذا تضيف اللقاءات الثقافية لهذه التجربة؟

يعشق السياح التعرّف على حياة نساء الأطلس وكيفية حفاظهن على تقاليدهن في الطبخ واللباس والحياة اليومية. كما يحظون دائمًا بترحيب دافئ من النساء القرويات، المعروفات بكرم الضيافة وحُسن الاستقبال. نحن بدورنا ننظّم ورش عمل ولقاءات تفاعلية تعزز التواصل المباشر، ما يخلق تجارب ثقافية غنية ويُسهم في التقريب بين الشعوب.

حصلتِ على وسام ملكي من جلالة الملك محمد السادس سنة 2009. ماذا مثّل لك هذا التكريم؟

كان الوسام الذي حصلت عليه مصدر فخر واعتزاز كبيرين، تتويجًا لسنوات من الجهد في الإرشاد والسياحة المستدامة. لم أصدق في البداية أنني توشّحت بوسام ملكي من جلالة الملك محمد السادس، المعروف بدعمه المتواصل للمرأة والشباب. كان ذلك بمثابة حلم تحقق، وحافزًا قويًا للاستمرار في هذا المجال.

زينب بوتخوم

ما هي رؤيتك لمستقبل السياحة الجبلية المستدامة في المغرب، ودور المرأة فيها؟

أعتقد أن السياحة الجبلية المستدامة ستكون من الركائز الأساسية لتنمية المجتمعات المحلية في المستقبل، خاصة مع التوجه الواضح من وزارة السياحة لتطوير هذا القطاع وخلق فرص شغل للقرويين. كما أن الاهتمام العالمي المتزايد بالسياحة المسؤولة يجعل من الضروري تبنّي نموذج يوازن بين التنمية الاقتصادية وحماية البيئة والثقافة.

وقد أسهمت السياحة الجبلية في إدماج النساء القرويات في سوق العمل، ومكّنت الكثيرات من تحقيق الاستقلال المالي. إن دور المرأة في حماية التراث والارتقاء بالمجتمع أصبح أساسيًا، ومن الضروري دعمها لتظل شريكة فعالة في تعزيز مكانة المغرب على الصعيدين الثقافي والسياحي.

 حوار: إيمان البدري