في مشهد متأزم يشهده القطاع الموسيقي، يبذل الفاعلون جهودًا مكثفة على المستويين القانوني والرقمي لمواجهة تحديات أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي التي تتسبب في سرقة المحتوى الموسيقي.
وعلى الرغم من محاولات حذف المحتوى المزيّف وتحديث الأنظمة التقنية، إلاّ أن النتائج لا تزال دون المستوى المطلوب.
جهود المنع والحذف الرقمي
أعلنت شركة «سوني ميوزك» مؤخرًا عن حذف خمسة وسبعين ألف مقطع فيديو مزيف من الإنترنت، مما يعكس حجم المشكلة التي يعاني منها القطاع.
وبرغم أن العديد من الخبراء يشيرون إلى قدرة التكنولوجيا على كشف مثل هذه المقاطع، فإن برامج الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي تعمل دون موافقة الفنان، تظل تُنتج أخطاء بسيطة في التردد والإيقاع والتوقيع الرقمي تُميزها عن الأعمال التي يبتكرها البشر.
وقد أُثبت ذلك من خلال رصد سريع لأغنية راب مزيفة لتو باك عن البيتزا وأغنية كاي بوب بصوت أريانا غراندي، تُبرز مدى سهولة اكتشاف التزييف.
التطورات التقنية والإجراءات القانونية
ويعمل المسؤولون في شركات كبرى مثل «سبوتيفاي» على تطوير أدوات جديدة لتعزيز آليات الكشف عن المحتوى المزيف وتحسين رصد الأعمال التي ينتجها الذكاء الاصطناعي.
وعلى صعيدٍ متصل، أكّدت منصة «يوتيوب» أنها تنفذ تحسينات على تقنياتها بالشراكة مع الجهات المختصة، مع وعود بالكشف عن مستجدات في الأسابيع المقبلة.
وفي الإجراءات القانونية، تواجه شركات تسجيل كبرى تحديات قانونية مع بعض اللاعبين في مجال الذكاء الاصطناعي.
ففي يونيو 2024، أقيمت دعاوى قضائية في محكمة فيدرالية في نيويورك ضد الشركة الأم لـ«أوديو»، بتهمة استخدام تسجيلات موسيقية محمية بالملكية الفكرية لجذب مستخدمين جدد. ولا يزال مصير هذه القضايا قيد الانتظار، مما يسلط الضوء على غموض تطبيق مفهوم الاستخدام العادل في ظل التطور التكنولوجي السريع.
التحديات التشريعية والتنظيمية
ويشعر القطاع الموسيقي بالقلق إزاء الاستخدام غير المصرح به لمحتواه لإنشاء نماذج ذكاء اصطناعي.
فقد رُفعت نصوص تشريعية عديدة إلى الكونغرس الأمريكي لتعزيز حماية حقوق الملكية الفكرية، إلا أن الكثير منها ظل مجرد حبر على ورق حتى الآن.
وفي الولايات الأمريكية مثل تينيسي، تم تبني قوانين تستهدف بشكل خاص ظاهرة التزييف العميق.
من جهة أخرى، أدت مواقف بعض الشخصيات السياسية إلى تفاقم الوضع، حيث أبرز الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب دعمًا ملحوظًا لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي، مما استفادت منه شركات كبرى مثل «ميتا».
وفي ظل هذا السياق، تبرز أهمية إيجاد توازن بين تعزيز الابتكار وحماية الحقوق القانونية للمبدعين والفنانين.
آفاق مستقبلية وتساؤلات كبرى
ويشير بعض المحللين مثل جيريمي غولدمان إلى أن التجاوزات التكنولوجية تظل تشكل تهديدًا على قدرة القطاع الموسيقي على التعامل مع هجمات الذكاء الاصطناعي، نظرًا لتجزئته الداخليّة.
كما أعرب الأستاذ جوزيف فيشمان عن تساؤلاته حول إمكانية صدور حكم قضائي ملزم قد يعيد ترتيب موازين القوى في هذا القطاع، معللاً ذلك بظهور العديد من الأدوات التكنولوجية الجديدة التي تعتمد على مواد محمية بحقوق الملكية.



