كشفت دراسة حديثة أن الفتيات المراهقات اللواتي يعانين من آلام شديدة خلال الدورة الشهرية قد يكن أكثر عرضة للإصابة بأمراض الألم المزمن في مراحل لاحقة من حياتهن.
وأكد الباحثون أن هذه النتائج يجب أن تكون بمثابة تنبيه للقطاع الصحي، إذ لا ينبغي التعامل مع آلام الطمث باعتبارها مسألة عابرة أو طبيعية فقط، بل كقضية صحية عامة تستحق الاهتمام والمعالجة المبكرة.
نتائج الدراسة وأرقام لافتة
واعتمدت الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة أكسفورد ونُشرت في مجلة The Lancet Child & Adolescent Health، على بيانات أكثر من 1150 مشاركة ضمن دراسة “أطفال التسعينات” (ALSPAC).
وأظهرت النتائج أن نحو 60% من الفتيات في سن الخامسة عشرة أبلغن عن آلام متوسطة إلى شديدة.
وخلصت التحليلات إلى أن من عانين من آلام طمث قوية في سن المراهقة كن أكثر عرضة بنسبة 76% للإصابة بألم مزمن عند بلوغ سن السادسة والعشرين، بينما بلغت النسبة 65% بين اللواتي أبلغن عن آلام متوسطة.
أما الفتيات اللواتي لم يعانين من أي ألم أثناء الدورة الشهرية، فلم تتجاوز نسبة إصابتهن بالألم المزمن لاحقًا 17%.
تحذيرات الباحثين ورسائل توعوية
وأكدت البروفيسورة كاتي فينسنت، أستاذة أمراض النساء والتوليد بجامعة أكسفورد، أن آلام الدورة الشهرية لا تكتفي بتعطيل حياة الفتيات وحسب، بل قد تترك أثرًا طويل المدى على صحتهن الجسدية والنفسية.
وأشارت إلى أن معظم المراهقات لا يطلبن المساعدة الطبية، وإن فعلن، قد يتم تجاهلهن أو الاستخفاف بآلامهن.
وأضافت فينسنت أن هذه الدراسة بمثابة جرس إنذار يفرض تحسين التثقيف حول الدورة الشهرية، وكسر الوصمة الاجتماعية التي تحيط بها، وضمان حصول الفتيات على الدعم والعلاج الفعّال منذ المراحل الأولى.
التفسير العلمي للعلاقة بين الطمث والألم المزمن
ورأى الباحثون أن الصلة بين آلام الطمث المبكرة والألم المزمن لاحقًا قد تكون مرتبطة بتغيرات في الجهاز العصبي. فمرحلة المراهقة تتميز بزيادة “الليونة العصبية”، أي قدرة الدماغ والجهاز العصبي على التكيف، لكنها في الوقت نفسه تجعل الجسد أكثر حساسية للإشارات المؤلمة المتكررة.
وقد يؤدي استمرار الألم في هذه المرحلة الحرجة إلى تغييرات طويلة المدى في طريقة معالجة الجسم للألم، ما يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض مزمنة مستقبلاً.
نحو رؤية صحية شاملة
وتفتح هذه النتائج المجال أمام نقاش أوسع حول كيفية التعامل مع آلام الدورة الشهرية كملف صحي لا يقل أهمية عن غيره من القضايا المرتبطة بصحة المرأة.
إن إدراك خطورة تجاهل هذه الأعراض، واتخاذ خطوات وقائية وعلاجية مبكرة، يمكن أن يحمي الأجيال المقبلة من معاناة طويلة المدى، ويعزز جودة الحياة الفردية والجماعية.



