قمر الدم يضيء سماء آسيا وإفريقيا في خسوف كلي نادر

- Advertisement -

إعداد: علاء البكري

في ليلة من ليالي الاستثناء السماوي، يترقب عشاق الفلك حول العالم خسوفًا كليًا للقمر يعرف باسم قمر الدم، حيث يختفي ضوء البدر الفضي ليعود في حلة حمراء غامرة. 

وسيُرصد بوضوح مشهد سماوي نادر في آسيا ويمتد جزئيًا إلى إفريقيا وأوروبا، ليعيد إلى الأذهان الأسئلة القديمة عن علاقة الإنسان بالكون وسر الأجرام التي تزين سماءه.

لحظة كونية تحتشد فيها الأنظار

وتحدث هذه الظاهرة حين تصطف الشمس والأرض والقمر على خط واحد، فتغمر الأرض بدرها بظلها الكثيف. 

ومع مرور الدقائق، ينزلق القمر تدريجيًا إلى هذا الظل، فيفقد بريقه الأبيض الساطع ليكتسي تدريجيًا بلون أحمر قانٍ.

وسيكون المشهد أوضح في الصين والهند وشرق إفريقيا، كما ستتاح فرصة جيدة للمشاهدة في غرب أستراليا، بينما لن يحظى الأوروبيون إلا بلمحات عابرة مع طلوع القمر في ساعات المساء الأولى.

سر التحول إلى الأحمر

ويوضح عالم الفيزياء الفلكية بجامعة بلفاست رايان ميليغان أن ما يمنح القمر لونه الدموي ليس سوى رحلة الضوء عبر الغلاف الجوي للأرض. فالأطوال الموجية الزرقاء، لكونها أقصر، تتشتت بسهولة، بينما تمر الأشعة الحمراء الطويلة لتصل إلى سطح القمر وتعكسه إلى أعيننا.

إنها عملية طبيعية بقدر ما هي شاعرية، حيث تتحول الأرض إلى عدسة هائلة تصبغ القمر بألوانها الخفية.

خسوف في متناول الجميع

ويمثل الخسوف الكلي للقمر فرصة نادرة لرصد السماء دون تعقيدات تقنية. فلا حاجة إلى نظارات أو أدوات متخصصة، بل يكفي وجود سماء صافية ومكان مفتوح لالتقاط هذا العرض الكوني المهيب.

ويعد هذا الخسوف الثاني في عام واحد، بعد خسوف مارس الماضي، ما يضفي على 2025 طابعًا استثنائيًا لعشاق الفلك، خصوصًا وأنه يمهد الطريق إلى الحدث الأكبر: الكسوف الكلي للشمس في 12 غشت 2026.

نحو كسوف 2026: موعد مع التاريخ

وسيكون هذا الكسوف المقبل هو الأول الذي تشهده أوروبا منذ عام 2006، حيث سيظهر كاملًا في إسبانيا وأيسلندا، بينما يطل جزئيًا على دول أخرى.

 ويصفه الفلكيون بأنه أحد أكثر الأحداث الكونية إثارة للانتظار، إذ يجمع بين نُدرة الحدوث وشمولية الرؤية.

ظواهر فلكية بين العلم والأسطورة

ولطالما ارتبط خسوف القمر في الذاكرة الشعبية بالأساطير، حيث اعتبرته شعوب قديمة نذيرًا أو بشيرًا، في حين يراه العلم اليوم نافذة على فهم الكون.

 إنه تذكير بأن القمر، الذي اعتدنا رؤيته صامتًا، قادر على أن يتحول بين ليلة وضحاها إلى مسرح يعرض ألغاز الفضاء في ألوانه الكونية.

 مرآة للدهشة الإنسانية

بين العلم والخيال، وبين الحسابات الفلكية والدهشة الإنسانية، يظل قمر الدم لحظة تجمع البشرية أمام مشهد واحد. 

في هذه الليلة، يصبح القمر مرآة للأرض، ويغدو الكون أكثر قربًا من قلوب البشر، كأنه يهمس لهم أن ما فوق السماء ليس بعيدًا عنهم، بل جزء من حكايتهم الأبدية.