إعداد: علاء البكري
في زمن اعتدنا فيه أن نرى الطفولة مقترنة باللعب والبراءة، ظهرت طفلة فرنسية لتكسر المألوف وتعيد رسم ملامح الدهشة.
لم تنتظر بلوغ السابعة عشرة كما يفعل أقرانها، بل عانقت شهادة البكالوريا وهي لم تغادر بعد ربيعها التاسع، لتُثبت أن الحلم حين يتجذر في القلب لا يعرف قيود السن، وأن المعرفة قادرة على أن تُزهر حتى في كفوف صغيرة ما زالت تتلمس طريقها في الحياة.
مسار غير اعتيادي
الطفلة، التي تقدمت للامتحان كمترشحة حرة في مواد دقيقة كالرياضيات والفيزياء والكيمياء، حازت الشهادة بعلامات الاستحقاق.
ورغم أنها لم تحصد مرتبة الامتياز، إلا أن نجاحها وحده شكّل معجزة صغيرة في زمن تعوّد أن يربط النبوغ بسنّ النضج.
فحسب سجلات الوزارة، أصغر متوج سابق بالبكالوريا كان قد بلغ عامه الثاني عشر سنة 1989، أما اليوم فقد كسرت هذه الطفلة السقف ذاته، وأثبتت أن الطموح لا يقاس بالسنوات.
طفولة مغتربة تنسج حكايتها
وتنحدر الطفلة من أصول غرينادية، لكنها قضت سنواتها الدراسية في مدرسة دولية بدبي.
لم تكن الفرنسية لغتها الأولى، بل بدأت تعلمها وهي في السادسة، لتدخل في سباق مع الزمن، وتحوّل اللغة من حاجز ثقيل إلى جسر عبور نحو أفق رحب.
منظمة “إيزوسيت” التي ساندتها، أكدت أن نجاحها لم يكن ثمرة عبقرية خارقة، بل نتاج مثابرة وصبر وإيمان بقدرتها على التقدم خطوة بخطوة.
وبهذا، لم تكن هذه الطفلة تحمل “معدل ذكاء استثنائي” كما يعتقد البعض، لكنها حملت إرادة استثنائية، جعلتها تتغلب على العقبات واحدة تلو الأخرى.
من الحلم إلى الجامعة
ولأن المعرفة لا تعرف عمرًا، قررت الطفلة أن تمضي أبعد مما يتخيل الكثيرون. فهي تستعد لدخول الجامعة هذا العام، باختيار مسار مزدوج يجمع بين علوم الكمبيوتر والقانون، لتفتح لنفسها نافذتين على المستقبل.
وبين فرنسا ودبي، ستواصل الطفلة رحلتها الجامعية، لتظل تجربتها شاهدة على أن التحدي الحقيقي لا يكمن في اجتياز امتحان، بل في الاستمرار في طلب العلم بلهفة الطفولة نفسها.
طفولة تعيد تعريف الممكن
هذا، وتعد هذه القصة دعوة للتفكر في معنى الطفولة وحدودها، وتجعلنا نطرح أسئلة من قبيل: كيف يمكن لطفلة أن تحوّل مرحلة اللعب والبراءة إلى ساحة إنجاز يدهش العقول؟ وكيف يعيد نبوغها المبكر رسم ملامح الممكن في عالم التعليم؟
لقد كتبت هذه الطفلة قصيدة باسم الأمل، قصيدة تقول إن المعرفة لا تسأل صاحبها عن عمره، بل عن صدق رغبته في اعتناقها.



