علاء البكري
منذ تأسيسه سنة 2004، اختار المهرجان الدولي لفيلم المرأة بسلا أن يكون أكثر من موعد سينمائي؛ أراد أن يكون ذاكرة حيّة للمرأة في السينما، ومنصة تُعيد الاعتبار لحضورها كصانعة للرؤية والإبداع.
على مدى ثمانية عشر دورة، تحوّل المهرجان إلى جسر يربط التجارب المحلية بالآفاق الدولية، محتفيًا بمخرجات بارزات مثل نرجس النجار وسلمى بركاش وليلى المراكشي، ومفسحًا المجال أمام طاقات شابة نسجت حضورها في الدورات الأخيرة.
الدورة 18: تنوع يمد الجسور بين الأجيال
بين 22 و27 شتنبر 2025، تستعد مدينة سلا لتعيش احتفالية بصرية جديدة.
الدورة الثامنة عشرة تأتي ببرنامج متنوع يزاوج بين المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة التي ترأسها المخرجة الفرنسية فاليري ماساديان، ومشاركة المغرب بفيلم طحالب مرّة للإدريس اشويكة، وبين نافذة خاصة على الفيلم المغربي الطويل عبر أعمال لحميد زيان وليلى التريكي ويونس ركاب وعمر لطفي وهشام الجباري.
أما المسابقة المخصصة للأفلام القصيرة، فتفتح الباب أمام خمسة مخرجين شباب، تأكيدًا على أن المهرجان يمد خيوط التواصل بين الأجيال، ويؤمن بأن السينما لا تنمو إلا بتلاقح التجارب.
كما تُعزز البرمجة بعروض خارج المسابقة، مثل فيلم “حياة” لرؤوف الصباحي، والوثائقي “أنا وياك” لرومي فاندرفيكن وزهرة بنحمو، في مشهد سينمائي يحتفي بتعدد الرؤى وتلاقي الثقافات.
أبعد من الشاشة: ورشات وأسئلة كبرى
ويعد المهرجان مساحة للتفكير الجماعي حول أسئلة السينما في زمن التحولات.
عبر الندوات والورشات التكوينية، يُفتح النقاش حول مستقبل الصناعة السينمائية، تحديات الإنتاج والتوزيع، ومكانة المرأة في زمن المنصات الرقمية.
وهكذا يتحول المهرجان إلى مختبر ثقافي ينسج تصورات جديدة للسينما النسائية، ويمنح الكلمة لصناع القرار والإبداع معًا.
سلا: مدينة تتحول إلى عاصمة رمزية
سلا، المدينة المطلة على البحر والمجاورة للعاصمة، صارت اليوم عاصمة رمزية للسينما النسائية.
بين أزقتها وشاشاتها تُختزن ذاكرة بصرية غنية بحكايات النساء وتجاربهن، لتمنح المدينة هوية ثقافية متميزة تجعل المغرب حاضرًا في قلب الحوار العالمي حول دور المرأة في الفن والإبداع.
العصادي: بصمة رجل آمن بالمرأة والسينما
وراء هذا المسار المتوهج، يبرز اسم عبد اللطيف العصادي، مدير المهرجان وخبير السينما، الذي استطاع أن ينسج من خبراته الوطنية والدولية خيوطًا إبداعية متجددة لكل دورة.
بفضل بصيرته، تحوّل المهرجان إلى لوحة تنبض بالحياة، تمنح السينما المغربية أجنحة عربية وإفريقية ودولية، وتُثمن الإبداع النسائي بكل ما يحمله من جمال وقوة.
السينما أفق للتغيير
هذا، وتأتي الدورة الثامنة عشرة من مهرجان سلا الدولي لفيلم المرأة لتؤكد أن السينما ليست ترفًا، بل أفقاً للتغيير، ومنصة لترسيخ قيم المساواة والإبداع.
ولم تعد المرأة موضوعًا داخل الفيلم فقط، بل صارت صاحبة الكاميرا التي تعيد صياغة العالم برؤية جديدة، أكثر عدلًا وحريةً وجمالًا.



