في حدث غير مسبوق يعكس طموحات المغرب في التحول نحو نموذج سياحي مسؤول بيئيًا، استضافت مدينة إفران فعاليات أول مؤتمر دولي للسياحة البيئية والاستثمار المستدام، يوم الأربعاء 24 شتنبر 2025، بمشاركة أزيد من 150 خبيراً ومستثمراً وفاعلاً في المجال.
إفران… مدينة نموذجية للسياحة البيئية
شكّل اختيار مدينة إفران لاحتضان هذا المؤتمر الدولي دلالة قوية على توجه المملكة نحو تثبيت نموذج للسياحة الإيكولوجية. وأوضح وزير التجهيز والماء، نزار بركة، في كلمته الافتتاحية أن القرار لم يكن اعتباطيًا، بل يعكس ما تزخر به المدينة من مؤهلات طبيعية وثقافية تجعلها تجسيدًا حقيقيًا لفلسفة السياحة البيئية المستدامة. وأشار بركة إلى أن المغرب يواجه تحديات بيئية جسيمة، خاصة في ما يتعلق بندرة المياه، مؤكدًا أن تدبير هذه الموارد، ولا سيما في القطاع السياحي، بات ضرورة ملحّة لا تحتمل التأجيل.
الاستثمار المستدام في قلب الإستراتيجية السياحية
أكد عماد برقاد، المدير العام للشركة المغربية للهندسة السياحية، أن الرؤية المستقبلية للسياحة في المغرب لم تعد تقتصر على الاستقطاب العددي للسياح، بل باتت ترتكز على الجودة والاستدامة. وأوضح أن الشركة تعمل على تعزيز منظومة استثمارية مسؤولة تدمج مفاهيم السياحة البديلة، مثل الإيواء البيئي والأنشطة الخارجية المرتبطة بالطبيعة، بما يتماشى مع تطلعات الجيل الجديد من السياح الباحثين عن تجارب فريدة وأصيلة.
خريطة طريق خضراء للسياحة المغربية

شدّدت فاطمة الزهراء عمور، وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، على أن الاستدامة أصبحت خيارًا استراتيجيًا ضمن الرؤية السياحية للمغرب. وقدمت ملامح خريطة الطريق الجديدة التي تركز على المشاريع الصديقة للبيئة، مشيرةً إلى تمويل أكثر من 200 مشروع بيئي، من بينها 40 مشروعًا يُعنى بالطاقات المتجددة وترشيد استهلاك الماء والطاقة. كما أبرزت أهمية برنامج “القرى السياحية” الذي خُصص له غلاف مالي بقيمة 200 مليون درهم لتثمين 16 وجهة قروية ذات مؤهلات طبيعية وثقافية، معتبرةً إفران مرشحة لتكون نموذجًا وطنيًا ودوليًا في هذا المجال.
أزمة الماء… في صلب الرهانات

تطرّق الوزير بركة إلى التحديات التي يطرحها الضغط المتزايد على الماء، داعيًا إلى تبني حلول مبتكرة لمواجهتها، من ضمنها تحلية مياه البحر، إعادة استخدام المياه العادمة، واعتماد تقنيات الاقتصاد في الماء داخل المؤسسات السياحية. وأكد على أهمية التنسيق المؤسساتي لتسريع وتيرة المشاريع المستدامة، مستعرضًا تجربة تطوير المنتزه الوطني لإفران، والذي رُصد له غلاف مالي يناهز 734 مليون درهم. كما أعلن عن انطلاق الدراسات الأولية لبناء سد “رأس الماء”، المرتقب أن يلعب دورًا حيويًا في دعم التنمية المحلية بحلول عام 2027.
جهة فاس-مكناس… رؤية سياحية مستدامة

أكد عبد الواحد الأنصاري، رئيس مجلس جهة فاس-مكناس، أن الجهة تراهن على المؤهلات الطبيعية والثقافية لتثبيت مكانتها كوجهة للسياحة المستدامة. وأوضح أن هناك اشتغالًا فعليًا على تنفيذ خريطة تنموية للسياحة تشمل مشاريع لتشوير المواقع الطبيعية وتطوير المنتزه الوطني لإفران، مشيرًا إلى وجود شراكات مع جهات دولية، أبرزها فرنسا، لتبادل الخبرات وتعزيز القدرات المحلية. كما سلّط الضوء على الدور الاقتصادي والاجتماعي لهذه المشاريع عبر إدماج الساكنة المحلية في سلاسل الإنتاج السياحي ودعم الصناعات التقليدية والمنتجات المجالية.
المغرب نحو ريادة إفريقية في السياحة المستدامة
خلصت الجلسة الافتتاحية للمؤتمر إلى دعوة جماعية من المشاركين لتوحيد الجهود بين الدولة والجماعات الترابية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، من أجل بناء نموذج مغربي قوي للسياحة البيئية.
إيمان البدري



