بين ركام البيوت وارتجاف الخيام، يعلو صوت الحياة خافتًا في غزة، حيث تحذّر تقارير الأمم المتحدة من أن سوء تغذية الحوامل والرضّع ينسج مأساة تمتدّ لأجيال، وأنّ أطفال هذا الزمن سيولدون محملين بثقل الجوع قبل أن يتعلموا البكاء.
أجيال تولد على حافة المجاعة
عاد ممثل الصندوق، أندرو سابرتون، من زيارة امتدت خمسة أيام إلى القدس والضفة الغربية وغزة، بخمس ساعات داخل القطاع كانت كافية لوصف المشهد بأنه أشبه بفيلم هوليوودي، لكنه واقع يتنفس وجعًا. في غزة، واحد من كل أربعة أشخاص يعاني من الجوع، وبينهم أكثر من أحد عشر ألف امرأة حبلى. ومن رحم هذا العجز يولد سبعة من كل عشرة أطفال خدّجًا أو بوزنٍ منخفض، بعدما كانت النسبة قبل الحرب لا تتجاوز الخُمس.
حاضنات مزدحمة وأمهات في خطر
في المستشفيات التي بقيت على قيد الخدمة، تعمل وحدات حديثي الولادة بنسبة تشغيل تفوق طاقتها بـ70%، حيث يوضع أكثر من طفل في الحاضنة الواحدة. ثلث حالات الحمل تُصنَّف اليوم عالية الخطورة، ومعدل وفيات الأمهات آخذ في الارتفاع. يختصر سابرتون المشهد: «سوء التغذية هو الجرح الأكبر».
أنقاض الطب.. وانفجار العنف
تعرض معظم القطاع الصحي للضرر؛ أُصيبت أو دُمّرت نحو 94% من المستشفيات، وتوقفت مؤسسات التوليد الطارئة عن العمل بعد أن نال الدمار من 15% منها. ومع ندرة الأدوية وغياب وسائل منع الحمل، تجد نساء كثيرات أنفسهن أمام خيارات قاسية تصل إلى الإجهاض الخطر. كما تفاقم العنف القائم على النوع الاجتماعي، من الزواج المبكر إلى الانتهاكات الجسدية، في واقع أنهك النساء وجعل من أجسادهن جبهة أخرى من جبهات الحرب.
أمومة تحت النار
في غزة، تُولد الطفولة قبل أوانها، وتكبر الأمهات على الخوف بدل الأمان. الحليب شحيح، والماء عزيز، والسماء التي تمطر القنابل لا تمنح مطرًا. كل ولادة فعل مقاومة للحياة، وكل صرخة طفل تذكيرٌ بأنّ في هذا الركن من العالم، لا تزال الأرحام تُنجب رغم الجوع، وتقاوم كي تظلّ قادرة على الحلم.
علاء البكري



