يشهد المشهد الإداري المغربي تحولًا متدرّجًا نحو تكريس حضور المرأة في مواقع القرار، في مسارٍ يعكس إرادة سياسية واضحة وروحًا دستورية تجعل المناصفة أفقًا للتنمية والعدالة. ويكشف تقرير الموارد البشرية المرفق بمشروع قانون المالية لسنة 2026 عن تنامٍ ملحوظ في نسبة النساء داخل المناصب العليا بالإدارة العمومية، رغم استمرار فوارق تكبح هذا الصعود الطموح.
من 12 إلى 15.5%… صعود هادئ بثبات
ارتفعت تمثيلية النساء في المناصب العليا من 12% سنة 2020 إلى 15.5% سنة 2025، بزيادة 3.5 نقاط في خمس سنوات. تبدو الأرقام متدرّجة، لكنها تؤكد مسارًا ثابتًا تُنجزه المغربيّات بخطى واثقة في حقلٍ إداري طالما هيمن عليه الرجال.
قطاعات تتقدّم وأخرى تراقب
تتصدر وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان بنسبة 32% من مجموع التعيينات النسوية، تليها وزارة التعليم العالي بـ11%، فوزارة الصناعة والتجارة بـ8%. كما تحضر النساء بنسبة 21.8% كمفتشات عامات و16.6% كمديرات. في المقابل، يبقى الحضور الأكاديمي محدودًا: 7% عميدات و6.9% رئيسات جامعات، ما يطرح سؤالًا حول أسباب تراجع المشاركة في مؤسسات العلم قياسًا بدوائر التسيير.
سياسات تمكين أسرع… وتفاوت في الإيقاع
رفعت وزارة إعداد التراب الوطني والإسكان نسبة النساء من 26% (2020) إلى 32% (2025). وارتفع حضورهن في الصناعة والتجارة من 5% إلى 8%، بينما استقر التعليم العالي بين 10% و11%. إيقاعات متفاوتة تكشف أن زخم الإصلاح قطاعيّ ويحتاج تعميم الممارسات الفضلى.
من التمثيلية إلى التأثير
التحدّي اليوم هو تحويل الأرقام إلى أثر: تعزيز حضور المرأة في صياغة السياسات وتقييمها، وتمكينها من مواقع القيادة التنفيذية بما يرسّخ نموذجًا مغربيًا يجعل المساواة رافعة للفعالية المؤسسية والتنمية.
تمكين الأثر… لا تمكين العدد
كل نقطة تُضاف إلى مؤشرات الموارد البشرية هي نبضٌ في جسد إدارة تُراهن على كفاءات نسائها. الإصلاح الإداري لا يكتمل إلا حين تتكامل الأصوات وتنعكس المناصفة أثرًا ملموسًا في القرار العمومي.
علاء البكري



