لغز العمر الطويل: لماذا تعيش النساء أكثر من الرجال؟

- Advertisement -

منذ فجر التاريخ وحتى اليوم، ظلّ العمر الطويل يميل نحو النساء. ورغم تقلّص الفوارق في بعض البلدان مع التقدّم الطبي، يؤكد العلماء أن هذا التفوّق النسائي متجذّر في عمق التطور.

رحلة علمية في أسرار “الخلود” النسبي

قاد فريق من معهد ماكس بلانك لعلوم الأنثروبولوجيا التطورية دراسة موسّعة عبر القارات، تتبّعت اختلافات العمر بين الجنسين لدى البشر والحيوانات، كخريطة كبرى للحياة على الأرض.

كروموسومات تحرس العمر

بيّنت الدراسة المنشورة في Science Advances أن إناث معظم الثدييات تعمّر أكثر من الذكور. ويُفسَّر ذلك بفرضية “الجنس غير المتجانس”: امتلاك الأنثى لنسختين من كروموسوم X يمنحها حماية مضاعفة ضد الطفرات، بينما يملك الذكر نسخة واحدة فقط، ما يجعله أكثر هشاشة وراثيًا.

حين تقلب الطيور المعادلة

في عالم الطيور، يعيش الذكور أطول في المتوسط، فيما تتفوّق الإناث لدى الثدييات. ويرتبط ذلك باختلاف منظومات الكروموسومات بين المجموعتين، إلى جانب عوامل الحجم والسلوك والدور الاجتماعي؛ تقول الباحثة يوهانا شتارك إن الكروموسومات لا تروي القصة كاملة وحدها.

التكاثر: وجهان للحياة والموت

التنافس الشديد على التزاوج يقلّص عمر الذكور في الأنواع متعدّدة الشركاء بسبب الإجهاد والمخاطر. أما الأنواع الأحادية التزاوج—كما في أغلب الطيور—فتنعم باستقرار يطيل عمر الذكور نسبيًا.

الأمومة: سرّ البقاء

تُظهر الرئيسيات وبعض الثدييات أن الإناث اللواتي يكرّسن وقتًا أطول لرعاية الصغار ينلن غالبًا سنوات إضافية، وكأن رعاية الحياة ترد الجميل لعمر أطول جودةً وامتدادًا.

الإنسان بين العلم والتطور

تقلّ الفجوة بين الجنسين في البيئات المحمية وحدائق الحيوان—دون أن تزول—وهو ما نراه أيضًا لدى البشر: تحسّنت الأعمار مع الرعاية الصحية والعيش الحديث، لكن جوهر الظاهرة بقيَ راسخًا في جذور التطور.

علاء البكري