في مشهدٍ يعيد كتابة فصول القضية العادلة، صوّت مجلس الأمن الدولي اليوم الجمعة لصالح مشروع القرار الأميركي الداعم لخطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء المغربية، مجددًا ولاية بعثة المينورسو لعامٍ آخر، ومكرسًا رؤية المغرب كخيار واقعي من أجل السلام والاستقرار. صدحت أصوات إحدى عشرة دولة من أصل خمس عشرة دولة بالتصويت لصالح القرار، فيما امتنعت ثلاث دول عن التصويت، وغابت الجزائر عن المشاركة. كان ذلك مشهدًا أمميًا جديدًا يعلن أن العالم أدرك أخيرًا أن الحل لا يُصاغ إلا في ظل السيادة المغربية.
حكم ذاتي تحت السيادة المغربية: رؤية العقل والعدل
اعتمد مجلس الأمن القرار الأميركي المتبني لمبدأ التفاوض على أساس مقترح الحكم الذاتي الذي قدّمه المغرب سنة 2007، وهو مشروع يقوم على رؤية متوازنة تمنح سكان الأقاليم الجنوبية إدارة شؤونهم المحلية في ظل السيادة المغربية. وبهذا التصويت، تجددت القناعة الدولية بأن هذه الخطة تمثل الطريق الأقوم نحو حلٍّ عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف، يتوافق مع ميثاق الأمم المتحدة ويصون الاستقرار الإقليمي. وجاء دعم دول وازنة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا ليعزز مكانة المقترح المغربي ويؤكد وجاهته أمام مجلس الأمن والمجتمع الدولي.
الأمم المتحدة تدعو إلى الحوار دون شروط مسبقة
دعا القرار الأممي الجديد الأطراف كافة إلى الانخراط في المفاوضات دون شروط مسبقة، مستندًا إلى المبادرة المغربية كأرضيةٍ صلبة للحوار، ومشدّدًا على أن الحكم الذاتي المغربي هو الحل الأكثر قابلية للتطبيق. كما عبّر مجلس الأمن عن دعمه الكامل للأمين العام للأمم المتحدة ولمبعوثه الشخصي في جهودهم الرامية إلى تقريب وجهات النظر، وحثّ جميع الأطراف على احترام وقف إطلاق النار وتجنّب كل ما من شأنه تهديد المسار السياسي.
المينورسو: تجديد الولاية ومواصلة مسار الثقة
مدّد مجلس الأمن ولاية بعثة المينورسو إلى غاية 31 أكتوبر 2026، في خطوةٍ تؤكد التزام المجتمع الدولي بمرافقة العملية السياسية في أقاليم الصحراء المغربية. وطالب القرار الأمين العام بتقديم إحاطاتٍ منتظمة حول تطور المفاوضات، مع مراجعة شاملة بعد ستة أشهر لتقييم الاستراتيجية المستقبلية للبعثة. وتُرسّخ هذه الخطوة دور الأمم المتحدة في دعم جهود المغرب ومواكبة رؤيته الساعية إلى بناء سلامٍ مستدام، سلامٍ ينهض على العدالة والسيادة والاحترام المتبادل.
صحراء المغرب: ذاكرة التاريخ وأفق المستقبل
بين قرارات الحاضر وصدى التاريخ، يظلّ المغرب وفيًّا لمسيرته التي انطلقت مع المسيرة الخضراء سنة 1975، حين خرج الشعب صفًّا واحدًا خلف قائده الراحل الحسن الثاني، طيب الله ثراه، لاسترجاع أرضه بالسلام والإيمان. واليوم، يواصل المغرب النهج ذاته، بديبلوماسية الحكمة ورؤية الملك محمد السادس، نصره الله، التي جعلت من الحكم الذاتي مشروع حياةٍ لا مشروع نزاع. الصحراء المغربية قضية انتماءٍ متجذّر في الوجدان الوطني، ومن قاعات الأمم المتحدة إلى رمال السمارة والعيون والداخلة يتردد الصوت ذاته: المغرب في صحرائه، والصحراء في مغربها.
علاء البكري



