بمجرد وصولك لحي المسيرة وبالضبط تجزئة المستقبل بمدينة فاس حتى تستقبلك وجوه الناس الحزينة، وركام العمارتين التي سقطت منذ يومين في ليلة مظلمة وباردة. لا حديث للساكنة إلا عن هذه الفاجعة التي خلفت 22 وفاة و14 جريحاً تتفاوت خطورة إصابتهم. مجلتكم فرح انتقلت لعين المكان ورصدت لكم الوضع بعد إزالة ركام العمارتين، وكذا بعض تصريحات الساكنة المفجوعة، التي تجمع كلها على حجم الألم النفسي والمادي الذي خلفه هذا المصاب.
شهادات مؤلمة وصور صادمة
خلف انهيار العمارتين معاناة اجتماعية وإنسانية كبيرة، تجلت في شهادات مؤثرة لعدد من الأسر التي وجدت نفسها فجأة دون مأوى، تعيش بين الخوف والترقب، وتعتمد معظمها على عائلاتها في انتظار تدخل الجهات المختصة. تتحدث فاطمة “اسم مستعار” بمرارة: “داري مخربة ومثقوبة.. نحن أربع أسر نقطن حالياً عند العائلة، نبيت عند ابن آخر لي في منزله الصغير جداً والذي لا يسعنا جميعاً، لم نتوصل بحل لحدود الساعة من المسؤولين، وضعوا لنا بعض الدعمات فقط وتضيف “ما كنرتاحش غير فداري”.

عدسة مجلة فرح عاينت المنزل المتضرر والمنهار جزئياً، تبدو عليه آثار الانهيار من الخارج والجدران المهدمة، ثم رافقناها إلى الداخل حيث تتضح أكثر حجم الكارثة. ممرات متصدعة وثقوب واسعة بالجدران تكشف الشارع خلفها. وجدنا داخل المنزل أبناء “فاطمة” وزوجاتهن، تقول إحدهن “أبت الظهور أمام الكاميرا” وهي تشير إلى الشقق: “ها الشق فالدار.. ها هو منين خارج…الدار راه غير معلقة”.

وداخل المنزل، تتحدث الحاجة عن الظروف المأساوية التي تعيشها رفقة عائلتها منذ إخلائهم: “خرجونا من ديورنا وكنباتوا غير عند العائلة.. ولدي عندو غير نص سكنة وحنا معه خمس الأسر… الله يحسن العوان.” وتتدخل شابة من الأسرة لتؤكد حجم الأزمة: “خاص الجهة المعنية تدخل.. ولادنا متشردين، الخدمة على قد الحال، وما عندناش فين نمشيوا”.

الحاجة تكشف أيضاً وضعها الصحي الصعب، حيث تخرج وثائق طبية من حقيبتها قائلة: “عندي بنتي ما كتسمعش وما كتهضرش، وأنا درت جوج عمليات، وراجلي مريض بالسكر.” وتضيف إحدى زوجات أبنائها “حنا واش نباتوا فالزنقة بولادنا؟ خاص شي واحد يدير الحل.”
فقدان للمنزل واستقرار مبهم المصير
الأسرة لم تفقد فقط السكن، بل أيضاً الاستقرار اليومي الذي يعتمد عليه الأطفال في الدراسة، حيث قالت إحدى نساء العائلة المتضررة وهي تشير إلى الدعامات الحديدية التي تحمل السقف: “وليداتنا ما قراو ما والو.. الامتحانات قرابين والديور اللي حدانا واقفة غير بالبركايز، غادي يطيح شي نهار علينا”.

صور المنزل من الداخل والخارج تظهر بوضوح حجم الخطر: أسقف مدعمة بهياكل معدنية مؤقتة، جدران متشققة بشكل كبير، وأرضيات لم تعد آمنة للسكن. ترفع الساكنة صوتها بمناشدة للسلطات المحلية والمسؤولين: “خاص تدخل عاجل.. ما يمكنش نبقاوا معلقين هكذا، لا سكن لائق، لا استقرار، لا دراسة لوليداتنا”.
سعاد القماري



