نوبل السلام خلف القضبان من جديد؛ إيران تعتقل نرجس محمدي

- Advertisement -

أعادت السلطات الإيرانية، الجمعة، اعتقال الناشطة الحقوقية نرجس محمدي، الحاصلة على جائزة نوبل للسلام لسنة 2023، في خطوة جديدة تعكس تشدد طهران المتواصل تجاه الأصوات الحقوقية المستقلة، خاصة تلك التي تقودها النساء.
وجاء التوقيف أثناء مشاركة محمدي في مراسم إحياء الذكرى الأسبوعية لوفاة المحامي الإيراني خسرو علي كردي، الذي عُثر عليه متوفى داخل مكتبه الأسبوع الماضي، وفق ما أعلنت المؤسسة الحقوقية التي تتابع ملفها.

توقيف خلال مراسم تأبين

بحسب المعطيات المتوفرة، جرى اعتقال نرجس محمدي إلى جانب عدد من النشطاء خلال مشاركتهم في هذا التأبين، رغم كونها كانت قد استفادت من إفراج مؤقت عن السجن في دجنبر 2024، بعد سنوات من الاعتقال المتكرر بسبب نشاطها الحقوقي ومواقفها المنتقدة لسياسات الدولة.
وأفاد زوجها، تقي رحماني، المقيم في باريس، عبر حسابه على منصة “إكس”، أن عملية التوقيف تمت في مدينة مشهد شرق إيران، مشيرًا إلى أن محمدي اعتُقلت رفقة الناشطة المعروفة سيبيده غوليان، إحدى الوجوه البارزة في الحراك الاجتماعي الإيراني.

نوبل السلام في مواجهة القبضة الأمنية

ويندرج اعتقال نرجس محمدي في مسار ممتد من التضييق، ارتسم عبر سنوات من المواجهة بسبب دفاعها عن حقوق الإنسان، ورفضها لعقوبة الإعدام، ومواقفها المناصرة لحقوق النساء داخل إيران.
وقد اعتُقلت محمدي مرات عدة، وحُكم عليها بأحكام قاسية، جعلت من اسمها رمزًا للمقاومة المدنية السلمية داخل البلاد.
ولم يسكل منحها جائزة نوبل للسلام درعًا يحميها من الملاحقة، بقدر ما زاد من حساسية ملفها لدى السلطات، التي تعاملت مع الجائزة بوصفها “تدخّلًا خارجيًا” في الشأن الداخلي الإيراني.

النساء في قلب الصراع الحقوقي

وتأتي هذه التطورات في ظل واقع صعب تعيشه النساء الإيرانيات، في مواجهة منظومة قانونية وأمنية تفرض قيودًا صارمة على الحريات الفردية، بدءًا من قوانين اللباس الإجباري، مرورًا بالتضييق على حرية التعبير والتنقل، وصولًا إلى الاعتقال والمحاكمات القاسية.
ولا يزال اسم مهسا أميني حاضرًا بقوة في الذاكرة الجماعية، منذ وفاتها سنة 2022 بعد توقيفها من طرف “شرطة الأخلاق”، في حادثة فجّرت احتجاجات واسعة داخل إيران، ووضعت ملف حقوق النساء في صدارة الاهتمام الدولي.

اعتقالات متكررة ورسالة ردع

وخلال السنوات الأخيرة، شهدت إيران موجة اعتقالات طالت نساء ناشطات وصحافيات ومحاميات، من بينهن نرجس محمدي وسيبيده غوليان، وأخريات وُجّهت إليهن تهم تتعلق بـ“المساس بأمن الدولة” أو “الدعاية ضد النظام”، في مسعى واضح لإخماد أي صوت نقدي مستقل.
ويرى متابعون أن هذه الاعتقالات تحمل رسالة ردع موجهة إلى المجتمع المدني، مفادها أن الرمزية الدولية أو التضامن الخارجي لا يشكّلان ضمانة للحماية داخل البلاد.

صورة قاتمة لحقوق المرأة في إيران

ويعكس اعتقال نرجس محمدي، مرة أخرى، هشاشة وضع حقوق الإنسان في إيران، خاصة ما يتعلق بحقوق النساء، في ظل استمرار القيود القانونية، وغياب إصلاحات جوهرية تضمن الحريات الأساسية.
وبينما تتحول أسماء مثل محمدي ومهسا أميني إلى رموز عالمية، يبقى الواقع اليومي لنساء إيران محكومًا بالخوف، والملاحقة، وصراع طويل من أجل الكرامة.

علاء البكري