تقلبات الحرارة: إنذار صامت لصحة العالم

- Advertisement -

تدقّ دراسة علمية حديثة ناقوس الخطر بشأن التصاعد المتواصل في حدّة وتكرار التقلّبات المفاجئة لدرجات الحرارة، معتبرة أن هذه الظاهرة تحوّلت إلى تهديد صحي حقيقي يطال سكان العالم، ويتسلّل بصمت إلى تفاصيل الحياة اليومية، من دون أن يحظى بالانتباه الكافي.
وتضع هذه الدراسة الإنسان في قلب معادلة مناخية مضطربة، حيث لم تعد درجات الحرارة تسير وفق إيقاعها الطبيعي، وباتت تتقلّب بوتيرة متسارعة تحمل في طياتها مخاطر صحية متنامية.

مناخ متقلب بفعل النشاط البشري

وأنجز البحث فريق من جامعة نانجينغ ومعهد فيزياء الغلاف الجوي التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، وأظهر أن التغيرات الحرارية المفاجئة تشهد تسارعًا واضحًا، خاصة في المناطق ذات العروض الجغرافية المنخفضة والمتوسطة.
ويربط الباحثون هذا التحول المناخي المتسارع بالانبعاثات الكثيفة للغازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري، حيث أسهمت الأنماط الصناعية والاستهلاكية الحديثة في زعزعة التوازن الحراري للكوكب، ودفعه نحو حالات من عدم الاستقرار المناخي.

أرقام مقلقة حتى أفق نهاية القرن

وتكشف النماذج المناخية المعتمدة في الدراسة عن توقعات مقلقة، إذ يُرتقب ارتفاع تواتر التقلّبات الحرارية القصوى بنحو 17 في المئة، إلى جانب زيادة شدتها الإجمالية بحوالي 20 في المئة بحلول سنة 2100.
وتشير هذه التوقعات إلى أن التأثير سيطال مناطق يقطنها أكثر من أربعة أخماس سكان العالم، ما يجعل الظاهرة ذات طابع كوني، تتجاوز الحدود الجغرافية وتضع المجتمعات البشرية أمام تحديات صحية غير مسبوقة.

بين الحرارة والموت: علاقة موثقة علميًا

واعتمدت الدراسة على تحليل سجلات الوفيات في كل من الصين والولايات المتحدة، حيث خلصت إلى وجود ارتباط وثيق بين التغيرات اليومية المفاجئة في درجات الحرارة وارتفاع معدلات الوفاة.
وتبيّن أن أمراض القلب والجهاز التنفسي تأتي في مقدمة الأسباب المرتبطة بهذه الوفيات، ما يعكس هشاشة الفئات الأكثر عرضة للتأثر، ويعزز المخاوف من موجة صامتة من الأزمات الصحية التي قد تتفاقم مع استمرار الاضطراب المناخي.

الصحة العالمية أمام اختبار المناخ

وتخلص الدراسة إلى أن التقلّبات الحرارية تحوّلت إلى عامل مؤثر في الصحة العامة، ما يستدعي إدماج البعد الصحي ضمن السياسات المناخية، وتعزيز جاهزية الأنظمة الصحية لمواجهة آثار عالم يشهد احترارًا غير متوازن
في عالم تتبدّل فيه الفصول على نحو مفاجئ، يصبح الجسد البشري مرآة هشّة لتقلّبات الكوكب، ويغدو الحفاظ على المناخ جزءًا لا يتجزأ من معركة الحفاظ على الحياة.

علاء البكري