في ظل تنامي الظواهر غير الأخلاقية على منصات التواصل الاجتماعي، أعلن وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، أن الحكومة المغربية بصدد إعداد مشروع قانون جديد لتأطير المحتوى الرقمي على الإنترنت، بما يشمل حماية الفئات الهشة، خاصة الأطفال والمسنين، من الاستغلال التجاري والترفيهي الجائر.
وأكد الوزير، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس النواب أمس الاثنين، أن التشريعات الحالية، وعلى رأسها القانون الجنائي، لم تعد كافية لمواجهة هذه الممارسات، مما يستدعي تدخلاً قانونيًا عاجلًا وفعّالًا.
استغلال رقمي غير أخلاقي لفئات هشّة
وبحسب بنسعيد، فإن وزارة الشباب منخرطة ميدانيًا في حملات تحسيسية تستهدف الأسر والشباب، بتنسيق مع اللجنة الوطنية لحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، من أجل التوعية بمخاطر هذا النوع من المحتوى، الذي يعرض الأطفال والمسنين للاستغلال النفسي والاجتماعي تحت غطاء الترفيه أو تحقيق التفاعل الرقمي.
وفي السياق ذاته، وصفت النائبة البرلمانية عن الفريق الاشتراكي، عتيقة جبرو، بعض الممارسات الرقمية بـ”الاستغلال غير الأخلاقي”.
وشددت على أن هذه الفئات تُقدَّم في سياقات مشوهة، تُفرغ إنسانيتها وتحوّلها إلى “سلعة رقمية” يتم التربّح منها على حساب كرامتها.
نحو تشريع يواكب التحولات الرقمية ويحمي الخصوصية
وأشار بنسعيد إلى أن الأغلبية الحكومية تناقش حاليًا تفاصيل مشروع قانون شامل، سيسعى إلى وضع ضوابط قانونية واضحة للمحتوى الرقمي، مع إرساء أسس لحماية الفئات الضعيفة في المجتمع من الانتهاكات الرقمية المتزايدة.
وفي هذا الإطار، تجددت داخل البرلمان دعوات متزايدة إلى تسريع وتيرة التشريع، خاصة مع اتساع انتشار مقاطع فيديو تُنتج لأغراض ربحية، وتستغل قاصرين أو مسنين في محتوى مثير وغير لائق.
مقترحات تشريعية لحماية القاصرين رقمياً
وكان فريق التقدم والاشتراكية قد تقدم في دجنبر الماضي بمقترح قانون يحدد السن القانوني الرقمي في المغرب في 16 سنة، وهو ما يهدف إلى تحصين الأطفال والمراهقين من مخاطر الانكشاف المبكر وغير الآمن على الفضاء الرقمي.
ويقترح النص تعديل القانون رقم 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، مع إلزام المنصات الرقمية بالحصول على موافقة أولياء الأمور قبل معالجة معطيات الأطفال دون 16 سنة، ومنح اللجنة الوطنية صلاحيات موسّعة في المراقبة والزجر.
دعوات لتحديث القوانين وفق المعايير الدولية
ويستند هذا المقترح إلى توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي دعا بدوره إلى تحديث الإطار القانوني الوطني ليتلاءم مع المعايير الدولية، مستلهماً تجارب دول حددت السن الرقمي بين 13 و16 سنة.
وتأتي هذه الجهود في سياق وطني متصاعد للدفاع عن خصوصية الأفراد، وضمان فضاء رقمي مسؤول وآمن، يسهم في بناء مجتمع رقمي عادل، يضع كرامة الإنسان في صميم التحول التكنولوجي.



