سجلت اليابان رقمًا قياسيًا جديدًا في نسبة الأمهات العاملات، إذ أظهرت بيانات حديثة لوزارة الصحة والعمل والرفاهية أن نسبة الأمهات العاملات في الأسر التي تضم أطفالًا دون سن 18 عامًا بلغت 80,9%، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله منذ بدء جمع البيانات المقارنة عام 2004.
زيادة مطردة رغم تحديات رعاية الأطفال
ووفق نتائج الاستطلاع السنوي الذي شمل أكثر من 40 ألف أسرة يابانية خلال السنة الماضية، بلغ عدد الأسر التي تضم أمهات لديهن أطفال دون 18 سنة حوالي 8,88 مليون أسرة، من بينها 7,18 مليون أسرة توجد فيها الأمهات ضمن القوى العاملة.
ويمثل هذا ارتفاعًا بنسبة 3,1% مقارنة بنتائج استطلاع عام 2023، ما يعكس اتجاهًا مستمرًا نحو انخراط أكبر للأمهات في سوق العمل، رغم التحديات المعروفة التي تواجهها اليابان فيما يتعلق بتكاليف رعاية الأطفال ونقص الحضانات وندرة الدعم العائلي في بعض المناطق.
وظائف رسمية وغير رسمية
وبحسب البيانات، يبلغ عدد الأمهات العاملات كموظفات بعقود رسمية حوالي 3,02 مليون، أي ما يمثل 34,1% من الإجمالي، بزيادة قدرها 1,7% عن العام السابق.
بينما يقدّر عدد العاملات في وظائف غير رسمية أو بدوام جزئي بنحو 3,26 مليون، أي ما يعادل 36,7% من المجموع، بارتفاع قدره 1,2%.
وتُعزى هذه الأرقام إلى مرونة سوق العمل الياباني، الذي يوفر فرص عمل بدوام جزئي أو مؤقت تناسب ظروف الأمهات، رغم أن هذه الوظائف غالبًا ما تقلّ رواتبها وتفتقر أحيانًا إلى الامتيازات الاجتماعية.
دعم حكومي ومجتمعي
وترجع الوزارة هذا التطور إلى سياسات حكومية هدفت إلى تشجيع التوازن بين العمل والحياة الأسرية، من خلال تحسين أنظمة رعاية الأطفال، وتوسيع نطاق الإجازات المدفوعة للأمهات والآباء، إضافة إلى حملات توعية غايتها تغيير العقليات التقليدية التي كانت تضع عبء تربية الأطفال بالكامل تقريبًا على كاهل المرأة.
ويعد هذا التحول ضروريًا بالنسبة لليابان التي تواجه أزمة شيخوخة سكانية وانخفاض معدلات المواليد، ما يجعل تعزيز مشاركة المرأة في سوق العمل أولوية اقتصادية واجتماعية.
تحديات لا تزال قائمة
ورغم هذه الأرقام الإيجابية، تواجه الأمهات العاملات في اليابان تحديات مستمرة مثل ساعات العمل الطويلة، وصعوبة إيجاد حضانات مناسبة وبأسعار معقولة، بالإضافة إلى فجوة الأجور بين الجنسين والتي لا تزال من بين الأوسع في الدول الصناعية الكبرى.
كما يشير خبراء إلى أهمية تطوير بيئة العمل بحيث تسمح بمزيد من المرونة في ساعات الدوام والعمل عن بُعد، وتشجيع الآباء على أخذ إجازات الأبوة لدعم الأمهات في أداء دورهن المزدوج.
نحو مشاركة أكبر في المستقبل
تؤكد وزارة الصحة والعمل والرفاهية التزامها بمواصلة تحسين السياسات الاجتماعية من أجل تهيئة بيئة عمل عادلة وشاملة، تسمح للنساء والرجال بمواصلة حياتهم المهنية دون التخلي عن دورهم الأسري.
ويرى مراقبون أن نجاح اليابان في هذا المسار قد يكون نموذجًا تحتذي به دول أخرى تواجه تحديات ديموغرافية مماثلة.



