الذكاء الاصطناعي يبتز الطفولة بالصور المفبركة

- Advertisement -

لم يكن إيلايجا هيكوك، الفتى الأميركي ذو الستة عشر ربيعًا، يعلم أن صورته التي لم يلتقطها قطّ، ستقوده إلى قرار لا عودة منه.

ففي أحد أيام ولاية كنتاكي الهادئة، اختار إيلايجا الانتحار، بعدما تلقى رسالة نصية على هاتفه تطالبه بثلاثة آلاف دولار مقابل حذف صورة عارية “مفبركة” صُوّرت له، لا بعدسة مصور، بل عبر خوارزمية ذكاء اصطناعي لا تعرف الرحمة ولا الشفقة.

الذكاء الاصطناعي يدخل دهاليز الابتزاز الجنسي

لقد تحولت أدوات الذكاء الاصطناعي إلى سلاح في يد من لا قلب لهم، إذ تُستخدم لتوليد صور ذات طابع جنسي دون وجود حقيقي لها.

وأصبح هذا الأسلوب، الذي بدأ يُستخدم ضد المشاهير، يستهدف القاصرين، وخصوصًا الذكور منهم. كما بات الفضاء الرقمي يعجّ بمن يُتقنون صناعة الوهم، واستخدامه كسوط نفسي قاتل.

كلمات أب مكلوم

وفي هذا الشأن، قال جون بورنيت، والد إيلايجا هيكوك، إن الأشخاص الذين يستهدفون أطفالنا منظمون جيدًا، ممولون جيدًا، ولا يعرفون الرحمة.

وأضاف أنهم “لا يحتاجون إلى أن تكون الصورة حقيقية؛ بإمكانهم أن يخلقوا الأكاذيب، ثم يساوموا بها حياة أبنائنا”.

هذا، وفتحت وفاة إيلايجا تحقيقًا في شبكة متشعبة من الابتزاز الرقمي، يقف خلفها مستخدمون لتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتخطى حدود الأخلاق، وتخرق جدار الأمان الذي يفترض أن يحيط بأطفال العالم.

إف بي أي يدق ناقوس الخطر

وأطلق مكتب التحقيقات الفيدرالي تحذيرًا وصفه بـ”العاجل والمروّع”، حيث لاحظ تصاعدًا خطيرًا في حالات الابتزاز الجنسي الإلكتروني، وخصوصًا بين المراهقين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و17 عامًا.

وقد أدى هذا النوع من الجرائم إلى ما وصفته الشرطة الفيدرالية بـ”عدد مقلق من حالات الانتحار”.

الذكاء الاصطناعي يخلق صورًا “أكثر ضررًا من الحقيقة”

وأفادت منظمة “ثورن” المعنية بحماية الأطفال على الإنترنت أن نحو 6% من المراهقين الأميركيين تعرضوا مباشرة لصور أو مقاطع فيديو مزيفة وُلدت بالذكاء الاصطناعي.

أما مؤسسة مراقبة الإنترنت البريطانية (IWF) فذهبت إلى ما هو أبعد، مؤكدة أن المعتدين لم يعودوا بحاجة إلى صور حقيقية، فالأدوات الجديدة تنتج صورًا مزيفة لكنها مقنعة وخطيرة، بل “أكثر ضررًا من الصور الفعلية” في قدرتها على التدمير النفسي والاجتماعي.

دليل للمتحرشين وآلاف الضحايا… سوق مظلم يدر الملايين

ولعل الأخطر من ذلك أن هناك “أدلة” تُتداول بين المتحرشين، تُشجع على استخدام مواقع تعرية مزيفة لإيقاع الفتيات والفتيان في شباك الابتزاز.

وتقدّر إحدى الجهات الأميركية المتخصصة في تتبع الاحتيال الرقمي أن هذه العمليات تدر نحو 36 مليون دولار سنويًا، مستفيدة من بنية تحتية رقمية عملاقة تشمل خدمات غوغل، وأمازون، وكلاودفلير.

التهديد عالمي… من أميركا إلى أوروبا

وتجاوزت الكارثة حدود الولايات المتحدة، ففي إسبانيا كشفت منظمة “أنقذوا الأطفال” أن واحدًا من كل خمسة شبان تعرّض لصورة مزيفة عارية.

وفي مدينة بورتويانو الإسبانية، يُحقق المدعون مع ثلاثة قاصرين استهدفوا زملاءهم ومعلميهم بمقاطع جنسية مصنّعة رقميًا.

وفي المملكة المتحدة، سنت الحكومة قانونًا يُجرّم “التزييف العميق” الإباحي، وفرضت عقوبات تصل إلى عامين من السجن، فيما وقّع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قانونًا مشابهًا في ماي.

منصات التواصل تتدخل… ولكن “العدو” يتطوّر

وأعلنت شركة “ميتا” أنها رفعت دعوى ضد شركة في هونغ كونغ تدير تطبيق “كراش إيه آي” الذي يُستخدم في التعري الرقمي.

لكن رغم هذه الجهود، يشير تقرير لمؤشر “إنديكايتر” إلى أن أدوات التعري المدعومة بالذكاء الاصطناعي ما زالت تتطور، وتظهر بشكل متجدد، واصفًا إياها بأنها “أعداء خبيثون وعنيدون يصعب اجتثاثهم”.
فرح – وكالات