إيمان البدري
بين صعود التجارة الإلكترونية وتغيّر سلوك المستهلكين، مراكز التسوّق في أكبر مدينة مغربية تواجه تحديات متزايدة.
التوسّع المفرط… بداية الانحدار؟
عرفت الدار البيضاء خلال العقد الأخير طفرة في افتتاح مراكز التسوق الكبرى. فمن “موروكو مول” إلى “أنفا بلايس” و”إيريا مول”، تحوّلت المدينة إلى وجهة للمولات الفاخرة التي جمعت بين التسوق والترفيه.
لكن هذا الزخم لم يصمد طويلاً. فقد بدأت ملامح التراجع تظهر بوضوح مع تكرار إعلانات الإغلاق، وتقلّص المساحات المستغلة، وتراجع نسب الإقبال، خصوصًا بعد جائحة كورونا وتحوّل كثير من الزبائن نحو الشراء عبر الإنترنت.
كلفة الإيجار المرتفعة تُثقل كاهل العلامات التجارية
تُعد كلفة الإيجار داخل المراكز التجارية من أبرز الأسباب التي تدفع المحلات لإغلاق أبوابها. وفق تصريحات بعض الفاعلين في المجال، فإن بعض المولات تفرض إيجارات مرتفعة لا تتناسب مع حجم المبيعات الفعلية، ما يجعل الاستمرار داخل هذه الفضاءات غير مجدٍ اقتصاديًا.
الاستثناء لا يصنع القاعدة: بعض المراكز ما زالت تقاوم
رغم الوضع العام، تبرز استثناءات محدودة. “أنفا بلايس”، مثلًا، تمكن من الحفاظ على معدل إشغال يصل إلى 100% بفضل إعادة هيكلة العرض التجاري واستقطاب علامات عالمية ومحلية في نفس الوقت.
بدوره، “إيريا مول” راهن على الترفيه أكثر من التسوق، فخصص مساحات لألعاب الأطفال وأركيد ومطاعم مفتوحة، وهو ما جذب العائلات والشباب الباحثين عن فضاءات للترفيه الاجتماعي.
أسعار مرتفعة وزبائن يكتفون بالمشاهدة
رغم كل محاولات التطوير، لا يجد الكثير من سكان الدار البيضاء أنفسهم في تجربة “المول“.
تقول مريم في تصريح لمجلة فرح: “رغم أننا في موسم التخفيضات، إلا أن بعض المحلات داخل المول ما زالت تقدم منتوجاتها بأسعار باهظة. أحيانًا لا نلاحظ فرقًا حقيقيًا في الأسعار، وكأن التخفيض مجرد إعلان لجذب الزبائن دون تغيير فعلي في الثمن، وهذا ما يجعلنا في كثير من الأحيان نغادر دون أن نشتري شيئًا“.
ومن جانبه يقول سفيان إن “المولات أصبحت اليوم أماكن للفرجة أو اللقاء فقط، وليس للتسوق الفعلي… أغلب المحلات باهظة أو مكررة“.
مستقبل المولات… إعادة تموقع أم زوال تدريجي؟
يتفق خبراء التسويق على أن مستقبل مراكز التسوق بالمغرب يعتمد على قدرتها على التكيّف مع التحولات الرقمية والاجتماعية. فالمول لم يعد فقط فضاءً للبيع، بل يجب أن يتحول إلى تجربة متكاملة تشمل الترفيه، الراحة، والثقافة.
مراكز مثل “أنفا بلايس” أو “إيريا مول” بدأت في هذا الاتجاه، لكن التحدي يبقى في تعميم هذه الرؤية لتجنّب تحوّل باقي المولات إلى “قِلاع فارغة“.



