في خطوة وُصفت بأنها بداية لمرحلة جديدة في تاريخ صناعة النقل البري، شرعت شركة التكنولوجيا الأمريكية أورورا إنوفيشن في تشغيل شاحنات ثقيلة ذاتية القيادة بين مدينتي دالاس وهيوستن بولاية تكساس، على مسافة تبلغ 250 ميلاً (حوالي 400 كيلومتر)، من دون وجود سائق خلف عجلة القيادة.
أول خط شحن ذاتي القيادة بالكامل
وتُعد هذه المبادرة الأولى من نوعها في الولايات المتحدة، إذ أكدت الشركة أن خط دالاس-هيوستن الحيوي، الذي يُستخدم بكثافة لنقل البضائع بين المستودعات، أصبح أول خط شحن يتم تشغيله بالكامل بتقنية القيادة الذاتية هذا العام، على أن يتم توسيع هذه الخدمة لاحقًا لتشمل مدنًا أخرى من بينها فينيكس وإل باسو.
تكنولوجيا المستوى الرابع: قيادة ذاتية شبه كاملة
وتعتمد شاحنات أورورا على تقنية القيادة الذاتية من المستوى الرابع، والتي تتيح للسيارة التحرك بشكل مستقل تمامًا في معظم الظروف، مع إمكانية وجود نظام تحكم يدوي احتياطي.
وتقول الشركة إن تدخل السائق البشري لم يعد مطلوبًا إلا في حالات نادرة، ما يمثل قفزة تكنولوجية هائلة في قطاع الشحن البري.
وفي هذا السياق، يشار إلى أن شركة وايمو، التابعة لمجموعة ألفابيت المالكة لغوغل، تعتمد أيضًا على المستوى الرابع في تشغيل سيارات الأجرة ذاتية القيادة، خاصة في ولاية أريزونا، حيث قامت بتسيير مركبات بدون سائق أمان، بعد إجراء اختبارات شاملة تجاوزت 10 ملايين ميل.
تحديات القيادة الذاتية على الطرق السريعة
ويرى خبراء في مجال النقل الذكي أن قيادة الشاحنات الثقيلة على الطرق السريعة تمثل تحديًا فنيًا أكبر من تسيير سيارات الأجرة في المدن، إذ يتوجب على هذه الشاحنات “النظر” لمسافات طويلة والاستجابة السريعة للمواقف الحرجة، مثل حالات الطوارئ والقيادة المتهورة من بعض السائقين.
ووفقًا لموقع Car and Driver المتخصص في شؤون السيارات، فإن طريق دالاس-هيوستن كان لسنوات محور اختبار رئيسي لمطوري الشاحنات الذاتية، الذين عملوا على تحسين البنية التحتية والتقنيات المرتبطة بهذا النوع من المركبات.
قدرات استشعار “خارقة”
وأشادت أورورا بالإمكانات التقنية العالية لشاحناتها، حيث تم تزويدها بمجموعة متقدمة من أجهزة الاستشعار والرادارات والكاميرات، تتيح لها رؤية تصل إلى 450 مترًا إلى الأمام.
كما يمكن لهذه الشاحنات رصد المشاة، والتفاعل مع السائقين المتهورين، والتعامل بكفاءة مع مرور سيارات الطوارئ.
وتؤكد الشركة أن منظومة الذكاء الاصطناعي المدمجة في الشاحنة قادرة على الاستجابة للمشاة في الليل أسرع بإحدى عشرة ثانية مقارنة بالسائقين البشريين عند السير بالسرعات المحددة، مما يعزز معايير السلامة على الطرق السريعة.
مستقبل النقل البري يدخل مرحلة جديدة
ويمثل هذا الإنجاز، بحسب مراقبين، انطلاقة عملية لعصر جديد في عالم النقل البري، حيث من المرتقب أن تسهم الشاحنات ذاتية القيادة في خفض الحوادث، وتقليل الكلفة، وتسريع وتيرة التسليمات، خصوصًا في ظل النمو المتزايد لسلاسل التوريد العالمية.
وبينما تمضي أورورا نحو التوسع في هذه التقنية، فإن التجربة الأمريكية قد تشكل نموذجًا عالميًا قابلاً للتطبيق، في انتظار التطورات التشريعية والتقنية التي قد تواكب هذا التحول الجذري.
