علاء البكري
اهتزت جماعة المنزه نواحي عين عودة على وقع فاجعة مروعة، بعد أن كشفت نتائج الخبرة الجينية أن أربعة من بين ستة أطفال هم بالفعل من صلب الأب، ما يعني أن والدهم وجدهم في الوقت نفسه.
وقد أسفر ذلك عن اعتقال الأب وابنته، بتهم ثقيلة تتعلق بزنا المحارم والفساد، عقب الاشتباه في إنجاب الفتاة ستة أبناء من والدها.
ويشمل الأمر ثلاث فتيات، من بينهن الابنة الكبرى البالغة عشرين سنة، بالإضافة إلى ولد واحد، وهو ما أعاد فتح ملف مأساوي هزّ الضمير الإنساني.
وتتحول الطفلة الضحية إلى رهينة مأساة مزدوجة، فهي ابنة وحفيدة في آن واحد، وتحمل آثار العار والوصمة الاجتماعية.
وفي هذا الصدد، يؤكد الدكتور محمد الطيب بوشيبة، المنسق الوطني لمنظمة “ماتقيش ولدي”، أن هذه الجريمة تمثل انعكاسًا لانحدار أخلاقي ومرض نفسي متوحش، وسط صمت المجتمع المحيط الذي جعل الضحية سجينة الخوف والعجز.
ويضيف أن الأب، الذي كان من المفترض أن يكون سندًا وحصنًا، تحول إلى جلاد اغتصب جسد ابنته وروحها، بينما تظل الطفلة العاجزة بين شجرة نسب محروقة الجذور، تحمل عارًا لم ترتكبه.
ظاهرة متنامية: أسباب وانتشار
وتشير المنظمات الحقوقية إلى أن هذه الجريمة ليست حالة معزولة، بل جزء من ظاهرة متنامية للاعتداءات الجنسية على القاصرين في المغرب، تشمل حالات اغتصاب جماعي للأطفال في بعض المدن والمخيمات الصيفية، وأخرى على يد أقارب أو أشخاص ذوي سلطة.
ويرى الخبراء أن تفشي هذه الجرائم مرتبط بعوامل مترابطة، أبرزها ثغرات في القانون الجنائي وتخفيف العقوبات أحيانًا، ما يشجع بعض الجناة على التمادي.
كما تلعب البيئة الاجتماعية دورًا كبيرًا، إذ يزيد ضعف الرقابة الأسرية، ووجود أطفال يتامى وعائلات مهشمة نفسيًا، من هشاشة الضحايا ويجعلهم أكثر عرضة للاستغلال.
وتتفاقم المشكلة بثقافة الصمت والتستر، إذ يخشى الضحايا الإفصاح عن الجرائم المرتكبة بحقهم بسبب التهديد أو الخجل، خاصة إذا كان الجاني قريبًا. بينما يعاني بعض المغتصبين من اضطرابات نفسية وانحرافات جنسية مثل البيدوفيليا، ما يجعل الجريمة أكثر وحشية.
ويؤدي نقص مراكز إعادة التأهيل والدعم النفسي للضحايا إلى تفاقم آثار هذه الانتهاكات على المدى الطويل، إلى جانب غياب التوعية والتربية الجنسية الوقائية في المدارس والمجتمع، مما يزيد من هشاشة الأطفال ويحد من قدرتهم على حماية أنفسهم.
خطوات مقترحة للحماية
وترى منظمة “ماتقيش ولدي” ضرورة تبني إجراءات عاجلة لمكافحة هذه الجرائم، بدءًا من تشديد العقوبات وتطبيق القانون بصرامة دون أي تساهل، لضمان تحمل الجناة كامل المسؤولية عن أفعالهم.
كما يجب تعزيز آليات التبليغ وحماية الأطفال عبر إنشاء خطوط ساخنة مستدامة تتيح للضحايا وأسرهم التواصل بسرعة مع الجهات المختصة.
إلى جانب ذلك، يعتبر إدماج التربية الجنسية الوقائية في المناهج الدراسية أمرًا أساسيًا لتزويد الأطفال بالمعرفة والوعي اللازمين لحماية أنفسهم، بالتوازي مع تفعيل دور الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين لتقديم الدعم المستمر للأطفال الضحايا.
كما يتطلب الوضع تطوير التشريعات لتتوافق مع المعايير الدولية، ونشر التوعية المجتمعية المستمرة حول مخاطر الاعتداءات الجنسية على القاصرين، ومنع أي تنازل من أولياء الأمور عن متابعة الجناة قضائيًا لضمان عدم الإفلات من العقاب.
وأكد الدكتور بوشيبة أن هذه الجريمة تذكّرنا بأن الصمت على الشر يولّد وحوشًا لا ترحم، داعيًا السلطات والمجتمع المدني إلى التحرك الفوري لحماية الأطفال وضمان حقوقهم، والعمل على منع تكرار مثل هذه المآسي في المستقبل.



