الذكرى الثامنة والثمانون لانتفاضة ماء بوفكران

- Advertisement -

علاء البكري

يحيي الشعب المغربي، ومعه أسرة الحركة الوطنية والمقاومة وجيش التحرير الذكرى الثامنة والثمانين لانتفاضة ماء بوفكران أو ما عُرف بـ”معركة الماء لحلو”. 

حدث تاريخي جسّد محطة بارزة في سجل الملاحم الوطنية، وكرّس إرادة المغاربة في الدفاع عن حريتهم ووحدتهم الترابية أمام غطرسة الاستعمار.

جذور الانتفاضة ومعركة الماء

واندلعت شرارة الانتفاضة في مطلع شتنبر 1937، حين أقدمت السلطات الاستعمارية على تحويل مياه وادي بوفكران لفائدة المعمرين وضَيعاتهم، محرومةً بذلك الساكنة من مورد حيوي لا غنى عنه. 

تذمّر سكان العاصمة الإسماعيلية، وارتفعت أصوات الفلاحين والمواطنين ضد هذا القرار الجائر، خاصة في ظل أزمة اقتصادية واجتماعية خانقة زادتها الضرائب الباهظة والتهجير القسري من المدينة القديمة إلى الجديدة.

من السلاح إلى النضال السياسي

ومثّلت هذه الانتفاضة تحولًا نوعيًا في مسار المقاومة، إذ نقل الوطنيون المعركة من الجبال والبوادي إلى قلب المدن، وجمعوا بين العمل المسلح والمقارعة السياسية الواعية. 

كان ذلك إيذانًا بمرحلة جديدة من النضال، حيث برزت حركة جماهيرية منظمة وواعية قادرة على مواجهة الاحتلال بأشكال مختلفة من المقاومة.

تضحيات وصمود في وجه الاستعمار

في فاتح وثاني شتنبر 1937، خرجت حشود المكناسيين في مواجهة مفتوحة مع القوات الاستعمارية المدججة بالسلاح. 

ورغم قلة العدة والعتاد، سجّل أبناء المدينة ملاحم بطولية، قدّموا فيها التضحيات الجسام دفاعًا عن الكرامة والمقدسات والوطن. 

كانت صدمة المستعمر كبيرة أمام وعي شعبي متنامٍ، وروح تضامن جعلت من “معركة الماء” صفحة خالدة في الذاكرة الوطنية.

شهادة ملكية في حق بوفكران

واستحضر جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني هذه الانتفاضة خلال زيارته للمنطقة سنة 1992، قائلاً: “بوفكران وما أدراك ما بوفكران… استشهد فيها الرجال والنساء، حيا الله شهداء بوفكران، وحيا الله الذين ضحوا بكل غال ونفيس في سبيل الحفاظ على مائهم…”. كلمات مؤثرة تؤكد المكانة الرمزية لهذا الحدث في الذاكرة الوطنية.

استمرار روح المقاومة

لم تتوقف مكناس عند انتفاضة بوفكران، بل واصلت حضورها الفاعل في مواجهة الاستعمار عبر مختلف المحطات: من التصدي للظهير البربري، إلى المساهمة في وثيقة المطالبة بالاستقلال، ثم في دعم المقاومة الفدائية حتى إشراقة فجر الحرية سنة 1956. 

وبعد الاستقلال، واصل أبناء المدينة نضالهم في معركة البناء والتشييد ضمن الجهاد الأكبر الاقتصادي والاجتماعي.

وفاء للذاكرة الوطنية

في الذكرى 88 لانتفاضة ماء بوفكران، تؤكد أسرة المقاومة وجيش التحرير على واجب الوفاء لتلك الصفحات المشرقة، واستحضار قيمها للأجيال الصاعدة حتى تتشبع بروح الوطنية وحب الوطن. 

كما تعد هذه الذكرى مناسبة لتجديد التعبئة وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس، من أجل صيانة المكتسبات الوطنية، والدفاع عن الوحدة الترابية، وترسيخ مشروع الحكم الذاتي كخيار استراتيجي لأقاليمنا الجنوبية.