أعلنت ألبانيا عن إدماج شخصية افتراضية، أطلق عليها اسم “دييلا” – وتعني الشمس باللغة الألبانية – ضمن تشكيلتها الحكومية الجديدة، لتتولى إدارة المشتريات العامة ومكافحة الفساد في العطاءات الرسمية.
ووُصفت هذه الخطوة بأنها تحول تاريخي في علاقة السياسة بالتكنولوجيا، حيث تتحول الخوارزميات إلى وزراء، وتصبح الشاشات امتداداً لمؤسسات الدولة.
أداة لمكافحة الفساد وإصلاح صورة الدولة
لطالما شكلت المشتريات العامة باباً خلفياً للفساد في ألبانيا، التي ارتبط اسمها بشبكات تهريب وغسل أموال أضعفت مسارها نحو الاتحاد الأوروبي.
لكن رئيس الوزراء إيدي راما يرى في “دييلا” الأمل الجديد لبناء نظام مشتريات “منيع تماماً ضد الفساد”، مؤكداً أن هدفها هو جعل العطاءات العامة نزيهة مئة في المئة.
من مساعد رقمي إلى وزيرة رقمية
وبدأت “دييلا” مسارها في يناير الماضي كمساعدة افتراضية على منصة e-Albania، حيث سهّلت على ملايين المواطنين استخراج الوثائق الرسمية والتنقل بين الخدمات الرقمية، وهي ترتدي الزي التقليدي الألباني وتصدر الوثائق بختم إلكتروني يقلل من البيروقراطية.
واليوم، تعدت مجرد كونها وسيطا رقميا، لتصبح وزيرة افتراضية بكل الصلاحيات، وُصفت بـ”خادمة المشتريات العامة”، بعد أن أوكلت إليها حصرياً مهمة منح العقود الحكومية ومراقبة نزاهتها.
دعم سياسي وانتقادات متزايدة
وجاء الإعلان بعد فوز الحزب الاشتراكي الذي يقوده راما بولاية رابعة متتالية في انتخابات ماي الماضي بحصوله على 83 مقعداً من أصل 140، وهو ما يمنحه أغلبية مريحة داخل البرلمان.
لكن رغم الحماس الحكومي، لم تغب الأصوات المشككة التي أثارت تساؤلات حول غياب التفاصيل الخاصة بالرقابة البشرية، والمخاطر المحتملة من التلاعب بخوارزميات الذكاء الاصطناعي.
بين الطموح الأوروبي والرهان التكنولوجي
واعتبر مراقبون أن ألبانيا تراهن على هذه التجربة لتلميع صورتها أمام الاتحاد الأوروبي، الذي تطمح للانضمام إليه بحلول عام 2030.
غير أن محللين اعتبروا هذا الموعد أقرب إلى الطموح السياسي منه إلى الواقع، خاصة في ظل الأسئلة المعلقة حول جدوى “الوزيرة الافتراضية” وقدرتها على مواجهة فساد متجذر في هياكل الدولة.
شمس افتراضية تضيء طريقاً غامضاً
في ألبانيا اليوم، تولد شمس جديدة من خوارزميات تنبض في فضاء رقمي. إنها “دييلا”، الوزيرة الافتراضية التي تجسد مفارقة العصر: آلة بلا جسد تُكلَّف بمحاربة فساد ينهك الدول.
وبين من يراها ثورة تكنولوجية، ومن يعدّها وهماً سياسياً، يبقى المستقبل وحده قادراً على كشف إن كانت هذه الشمس قادرة على تبديد عتمة الفساد.
إعداد علاء البكري



