المرأة المغربية وريادة الأعمال: مسارات مختلفة وتحديات مشتركة

- Advertisement -

مع تطور المشهد الاقتصادي والاجتماعي في المغرب، تبرز أسماء نسائية استطاعت أن تنافس في عالم المقاولة، وتؤسس لمشاريع مبتكرة وناجحة، رغم التحديات المتعددة. من المجال الرقمي إلى الإعلام، ومن عالم القانون إلى الصناعة التقليدية، تسجل المرأة المغربية حضورًا متزايدًا يعكس إرادة قوية في كسر الصور النمطية، وبناء مستقبل مهني قائم على الاستقلالية والابتكار.

في هذا الملف، تسلط “مجلة فرح” الضوء على أربع مسارات وتجارب لأربع نساء مغربيات من مختلف المجالات، قادهن الشغف والطموح إلى بناء مشاريع مؤثرة رغم الصعوبات البنيوية والمجتمعية. ومن بين أبرز القواسم المشتركة في تجاربهن: التحديات المرتبطة بالتمويل، الصور النمطية، التوفيق بين الحياة المهنية والعائلية، والحاجة إلى إثبات مضاعف للقدرات.

كلثوم حسني: مؤسسة لمنصات مبتكرة في مجالات التوظيف والتحول الرقمي

كلثوم حسني
كلثوم حسني

رائدة الأعمال كلثوم حسني اختارت أن تجعل من الرقمنة رافعة للتمكين المهني، حيث أسست منصات مبتكرة في مجالات التوظيف، التدريب، والتحول الرقمي. انطلقت من شغف يربط الكفاءات بالفرص، مع التركيز على دعم النساء والشباب وتمكينهم عبر أدوات رقمية حديثة. وتقول حسني عن التحديات التي واجهتها في البداية: كان “نقص الثقة من المحيط وصعوبة الوصول إلى التمويل”، لكنها تغلبت عليهما بالصبر، وبناء شبكة علاقات قوية، وتطوير مهاراتها باستمرار. وتؤمن أن المثابرة والإيمان بالفكرة يحولان التحديات إلى فرص للنمو. وعن الفوارق بين التحديات التي تواجهها النساء مقارنة بالرجال، توضح في تصريح لمجلة فرح: “المرأة تحتاج لإثبات مضاعف لقدراتها، وتواجه أحكامًا مسبقة مجتمعية، إلى جانب تحديات التوفيق بين الأدوار الأسرية والمهنية، مما يجعل نجاحها أكثر تأثيرًا”. وتنصح النساء بالثقة في النفس، والتعلم المستمر، وبناء شراكات قوية، مع الكثير من الصبر والمرونة.

ابتسام المسياح سعدي: من المناصب العليا إلى ريادة قانونية

ابتسام المسياح سعدي
ابتسام المسياح سعدي

بعد أكثر من خمس وعشرين سنة من الخبرة في القطاع البنكي والتأمين، قررت الدكتورة ابتسام المسياح سعدي الانتقال من الوظيفة إلى المقاولة، عبر تأسيس مكتب استشارات قانونية، جبائية وبنكية. تقول لمجلة فرح: “هذا التحول تطلب شجاعة وثقة كبيرة في النفس، خاصة أن إقناع السوق بمكتب جديد في ظل منافسين راسخين لم يكن سهلًا”. وقد اعتمدت على رصيدها العلمي وخبرتها لبناء الثقة. وتُقر سعدي بأن المرأة المقاولة “مطالَبة بإثبات كفاءتها بدرجة مضاعفة”، في ظل تحديات التوفيق بين الحياة الأسرية والتسيير المهني، لكنها تؤمن بأن النساء يمتلكن مؤهلات متميزة مثل التحليل المتأني، الدقة، والمثابرة.

آمال فلكاك: الإعلام المقاولاتي بصوت نسائي

من الصحافة إلى ريادة الأعمال الإعلامية، قطعت آمال فلكاك شوطًا طويلًا؛ فهي خريجة المعهد العالي للصحافة والإعلام بالدار البيضاء (دفعة 2000) وتُعد من الرائدات في الإعلام المقاولاتي، حيث أسست شركة متخصصة في خدمات الإعلام والتواصل “بروميم ترانسبارنس” إلى جانب زوجها فهد فطومي. وعن البدايات، تؤكد أن مسيرتها انطلقت بتأسيس أول مؤسسة إعلامية “كوزيكوم” رفقة زملاء دفعتها، وأطلقت أول جريدة “مغرب الغد” لمواكبة التعاونيات والتعريف بدور مكتب تنمية التعاون. وتقول لمجلة فرح: “نجاح الفريق بعد 24 سنة لا يعتمد على وصفة جاهزة، بل على المهارات المكتسبة وشبكة العلاقات المهنية”. وتشدد على أن التحديات لا تميز بين الرجل والمرأة، مشيدةً بالدعم الذي تلقته من أسرتها وزوجها وكثير من المهنيين الذين آمنوا بمشروعها. وتقر بأن العمل الحر يوفر مرونة كبيرة للمرأة لتحقيق التوازن بين الحياة الشخصية والمهنية، خاصة مع صعود العمل عن بُعد.

فاطمة دتوت: حين تتحول الحرفة إلى مشروع جماعي

فاطمة دتوت

في قرية السماعلة نواحي وادي زم، استطاعت الحرفية والمصممة فاطمة دتوت أن تجمع بين الحس الفني واللمسة التراثية عبر تأسيس تعاونية “صوف أولاد الديك”، حيث حوّلت الشغف بالصناعة التقليدية إلى مشروع نسائي داخل الوسط القروي. وتقول في تصريح لمجلة فرح: “بدايتي لم تكن سهلة، لكنني مؤمنة بأن الحرفي حين يشتغل من قلبه ويخلص لعمله، يصل لا محالة”. وتضيف: “أسسنا التعاونية سنة 2017، واخترنا الاشتغال في نسج الزرابي والدرازة بطريقة مبتكرة تحافظ على الأصالة وتواكب العصر. واجهنا عراقيل وصعوبات، لكننا لم نستسلم وكان لدينا إصرار جماعي على المضي قدمًا”. وعن تجربتها كامرأة مقاولة في العالم القروي، تقول: “لم أشعر يومًا أنني أواجه تحديات مختلفة فقط لأنني امرأة. التحديات واحدة للجميع، لكن ما يصنع الفارق هو الإرادة. وللأمانة، فإن دعم الدولة والرعاية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، لتمكين المرأة وتشجيع المقاولات النسائية، شكّل نقطة تحول مهمة ساعدتنا على مواصلة المسار بثقة”.

إيمان البدري