الفركي لمجلة فرح: المقاولات النسائية تواجه تحديات إضافية

- Advertisement -

في ظل الحديث عن الأوضاع الصعبة التي تمر بها المقاولات الصغيرة جدًا، والصغرى، والمتوسطة، خاصةً مع تزايد حالات الإفلاس وتراجع برامج الدعم العمومي، أجرت مجلة “فرح” حوارًا خاصًا مع عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، لتسليط الضوء على واقع هذه الفئة النشيطة من الاقتصاد الوطني، وأسباب الأزمة التي تعيشها، إلى جانب التحديات التي تواجهها المقاولات النسائية، ودور السياسات الحكومية في دعم أو إضعاف استمراريتها، والحلول المقترحة لتفادي مزيد من حالات الإفلاس.

الفركي يوضح الحقائق وراء ارتفاع إفلاس المقاولات الصغيرة بالمملكة

أكد رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة والمتوسطة، عبد الله الفركي، أن الأرقام التي تم نشرها حول إفلاس المقاولات الصغيرة غير دقيقة لا من حيث الأرقام ولا السنوات؛ إذ إن إفلاس المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة ليس ظاهرة جديدة، بل سبق أن حذّرنا منه منذ سنوات، خاصةً قبل وبعد جائحة كورونا.
وقد نشرنا كل سنة بلاغات بارتفاع عدد المقاولات الصغيرة التي أعلنت إفلاسها من 10 آلاف في عام 2019 إلى 25 ألفًا في عام 2022، ثم إلى 33 ألفًا في عام 2023، و40 ألف مقاولة في عام 2024.
ومن المتوقع أن يرتفع عدد المقاولات التي ستعلن إفلاسها في نهاية السنة الجارية إلى أزيد من 50 ألف مقاولة، نظرًا لعدة أسباب تتعلق بانعدام التمويل لهذه الفئة، نتيجة وقف برامج “انطلاقة” و”فرصة”، وعدم تطبيق القانون الصادر سنة 2013 الذي يمنح المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة نسبة 20% من الصفقات العمومية.

س. ما الأسباب الاقتصادية التي أدت إلى تزايد حالات إفلاس المقاولات الصغيرة جدًا في الآونة الأخيرة؟

ج. تزايد حالات إفلاس المقاولات الصغيرة جدًا في السنوات الأخيرة يعكس أزمة اقتصادية عميقة تعاني منها هذه الفئة، التي تُعد العمود الفقري للاقتصاد في العديد من الدول.
ومن أبرز الأسباب: انقطاع برامج التمويل، ارتفاع الضرائب والتكاليف، ضعف السيولة وشدة المنافسة، تأثيرات جائحة كورونا، وغياب التوجيه والدعم التقني. كما فاقم الوضعَ غيابُ سياسات حكومية فعّالة ومستدامة. ولتفادي المزيد من الانهيارات، بات من الضروري إرساء حلول شاملة تشمل تمويلًا دائمًا، تسهيلات ضريبية، دعمًا تقنيًا وإداريًا، وخلق بيئة اقتصادية عادلة ومحفّزة للنمو.

س. هل تواجه المقاولات النسائية تحديات إضافية مقارنة بغيرها، مثل ضعف التمويل أو التمييز في الولوج إلى السوق؟

ج. نعم، تواجه المقاولات النسائية تحديات إضافية أبرزها ضعف التمويل وصعوبة الوصول إلى الموارد المالية، حيث تعاني الكثير من النساء من قلة الثقة في قدرتهن على إدارة المشاريع، إضافة إلى غياب الضمانات المالية اللازمة للحصول على القروض كباقي المقاولات الصغرى.
كما أن التمييز في الولوج إلى السوق يحد من فرصهن في الوصول إلى العملاء والشركاء التجاريين، خاصة في القطاعات التي تُعد “ذكورية”. وتُضاف إلى ذلك العوائق الثقافية والاجتماعية التي تفرض على النساء التوفيق بين إدارة المشاريع والمسؤوليات الأسرية، مما يزيد الضغط عليهن.
علاوة على ذلك، هناك محدودية في التكوين والتأهيل المهني، وضعف التشريعات والسياسات الداعمة للمساواة الاقتصادية. كما تؤثر الأزمات الاقتصادية بشكل أكبر على المقاولات النسائية نظرًا لضعف رؤوس أموالها وعدم قدرتها على امتصاص الصدمات. لذلك تحتاج هذه المقاولات إلى دعم شامل يشمل برامج تمويل مستدامة، وتعزيز التكوين المهني، وسياسات حكومية تُعزز المساواة، وبناء شبكات مهنية قوية لدعم النساء في ريادة الأعمال.

س. ما دور السياسات الحكومية والمؤسسات المالية في دعم أو إضعاف استمرارية هذه المقاولات؟

ج. تلعب السياسات الحكومية والمؤسسات المالية دورًا جوهريًا في دعم أو إضعاف استمرارية المقاولات الصغيرة جدًا. يمكن للسياسات الحكومية تمكين هذه الفئة من الولوج إلى التمويل عبر إنشاء بنك عمومي مخصص لتمويل المقاولات الصغيرة جدًا، كما هو الحال في فرنسا، حيث أُنشئ بنك عمومي يركّز فقط على دعم هذه المقاولات، نظرًا لأن البنوك التجارية غالبًا ما تعتبرها غير مربحة وتمثل مخاطرة كبيرة، ما يدفعها إلى طلب ضمانات عينية يصعب على المقاولات الصغيرة جدًا توفيرها.
إلى جانب ذلك، يجب تقديم إعفاءات ضريبية وفترات سماح، وتبسيط الإجراءات الإدارية والقانونية، مع تعزيز برامج التكوين والمرافقة التقنية والإدارية. من جانبها، يمكن للمؤسسات المالية دعم هذه المقاولات عبر قروض بشروط ميسّرة وأدوات مالية متناسبة مع احتياجاتها.
أما السياسات غير المدروسة—كالضرائب المرتفعة أو غياب برامج التمويل المستدامة—فتؤدي إلى إضعاف هذه المقاولات وزيادة احتمالات إفلاسها. كما أن تعقيد الإجراءات البنكية وصعوبة الحصول على التمويل بسبب ضعف الضمانات يزيد من التحديات؛ فضلًا عن صعوبة الولوج إلى الصفقات العمومية ومعضلة التأخر في الأداء، وفي بعض الحالات امتناع المقاولات الكبيرة والمتوسطة عن الأداء.

س. ما الحلول التي يجب اعتمادها لتفادي حالات الإفلاس؟

ج. إن إفلاس هذا العدد الكبير من المقاولات الصغيرة جدًا والمتوسطة مؤشرٌ خطير على هشاشة النظام الاقتصادي تجاه هذه الفئة. وتحتاج المعالجة إلى تدخلات شاملة ومستدامة تشمل: إنشاء بنك عمومي يهتم فقط بتمويل ومواكبة المقاولات الصغيرة جدًا عبر برامج تمويل دائمة؛ تقديم تسهيلات ضريبية للمقاولات الناشئة؛ دعم التكوين والمرافقة التقنية والإدارية؛ العمل على تحسين القدرة الشرائية وخلق بيئة تنافسية عادلة.
ومن دون هذه التدخلات، من المتوقع استمرار تزايد حالات الإفلاس، بما سينعكس سلبًا على الاقتصاد الوطني ككل.

حوار: إيمان البدري