الملك محمد السادس كما يراه المغاربة

- Advertisement -

في قرية صغيرة، كان الطفل أيوب يركض حافيًا وراء سرب من الحمام.

لم يعرف من الدنيا سوى اسم أمه، وسقفٍ من القش، وبعض الحكايات التي ترويها جدته كل مساء.

وفي السماء كان يلمع اسم واحد كالنجم: جلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده. 

سأل جدته ذات مساء:

 

ــ “هل الملك يرانا؟”

ضحكت الجدة ومسحت على رأسه:

ــ “الملك يراك ويحملك في قلبه يا بني.”

 

كانت تردد ذلك مع مرور القوافل الطبية، أو شق الطرق نحو الجبال، أو توزيع الحواسيب في المدارس النائية.

ومع كل فعل، كانت صورة الملك تنمو في ذاكرة أيوب كشخص يلامس حياة الناس قبل أن يكون سلطانًا على العرش.

 

مرت الأعوام، وكبر أيوب كما كبر الحلم في قلبه. أصبح شابًا يحمل دبلومًا بين يديه وسؤالًا في عينيه:

 

ــ “هل أستطيع أن أكون شيئًا في هذا الوطن؟”

 

وذات يوم، أثناء سيره في شوارع الرباط، لمح وجه الملك يلمع بين المارة.

دهشته لم تكن تخفى عليه؛ بدا مألوفًا كما لو رآه من قبل في الجرائد أو على التلفاز.

اقترب أكثر، فاكتشف أن الملك موجود في زيارة مفاجئة إلى مستشفى محلي.

بلا حرس ولا صخب، كان ينصت لطفل مريض، ويهمس لوالده، ثم يربت على كتف ممرضة ابتسمت.

توقف الزمن في لحظة أمام أيوب.

رأى رجلاً يتقدّم بالصمت، يصلح بالتواضع، ويزرع الهيبة في سكون الحكمة.

ثم جاءت الجائحة وارتبك العالم، لكن المغرب كان سبّاقًا في تأمين اللقاحات، وفتح المصانع، وحماية الأرواح، كما نقلت نشرة الأخبار.

تذكّر أيوب سؤال الطفولة:

 

ــ “هل الملك يرانا؟”

 

أجاب نفسه وقد امتلأت روحه باليقين:

 

ــ “هو معنا دائمًا. قبل أن نطلب، يفعل، وقبل أن نخاف، يطمئن.”

 

 

في إحدى الليالي، جلس مع زوجته يشاهد خطابًا ملكيًا في الذكرى السادسة والعشرين للجلوس على العرش.

أضاء وجهها نور الكلمات قبل أن تتحدث:

 

ــ “كأنه يتحدث إلينا شخصيًا.”

ابتسم أيوب:

 

ــ “إنه يحكم بشغف الإصغاء، يقود بحس الرعاية، ويزرع في وطننا الأمل.”

 

تذكّر مدونة الأسرة، وحقوق المرأة، وبكاء أمه فرحًا حين نالت جارتها المتزوجة حديثًا حقها القانوني في كرامة كاملة.

تذكّر صديقه الذي حصل على فرصة عمل بعد سنوات من الضياع.

تذكّر صدى الأسود في ملاعب قطر، وابتسامة الملك وهو يحتضن الأبطال كأب يحمل المجد في عينيه وقائد يسكن في قلوب رجاله.

 

في صباح الذكرى، خرج أيوب إلى الساحة الكبرى في مدينته.

الناس يلوّحون بالأعلام ويرددون النشيد، وقلوبهم تقول ما لا يُقال.

رفع طفل صغير يده إلى السماء وسأل أمه:

 

ــ “هل الملك في القصر؟”

 

فأجابه رجل مسنّ يمر بجانبه:

 

ــ “الملك في قلوبنا، هناك يسكن، وهناك يكتب التاريخ.”

 

لقد ظلّ صاحب الجلالة الملك محمد السادس يظهر في نشرات الأخبار وصور البروتوكولات، ويتجلّى في تفاصيل الحياة اليومية: في قرية أضاءها النور، وامرأة استعادت كرامتها، وشباب عاد إليهم الحلم، ووطن كلما اشتدت العواصف، وجد في ملكه مرفأ النجاة.

علاء البكري