في مدينةٍ تغفو على ضفاف الأطلسي، ولدت كوثر حفيظي ذات صباح من ضوء، فكان العلم طريقها إلى المجد، وكانت العزيمة جواز عبورها نحو العوالم التي لا تُرى. من الرباط بدأت الحكاية، ومن هناك انطلقت طفلة تحلم بأن تفهم أسرار الكون كما يفهم الشاعر نبض القصيدة.
من ضفاف الأطلسي إلى مختبرات العالم
في جامعة محمد الخامس بالرباط بزغت موهبتها الأولى، وتفتّح عقلها على أسرار الفيزياء النظرية؛ حيث أدركت أن الأسئلة أعظم من الأجوبة. حملها الشغف إلى باريس لمتابعة الدكتوراه في الفيزياء النووية بجامعة باريس سود، متخصّصة في بنية النواة والتفاعلات الدقيقة. ومن هناك بدأت رحلتها نحو مختبر أرغون الوطني بالولايات المتحدة، حيث تدرّجت حتى صارت مديرةً لقسم الفيزياء ثم مديرةً مساعدة للعلوم الفيزيائية والهندسة.
العقل الذي يفكّ شيفرة الكون
تبحث حفيظي في البنية الداخلية للبروتونات والنيوترونات وكيفية توزّع الكواركات والغلوونات داخل النوكليونات، وتشارك في تجارب دولية تمتد من Jefferson Lab إلى Fermilab وDESY، لتضيف سطرًا جديدًا إلى فهم الإنسان لأعمق أسرار المادة والطاقة.
جائزة الحلم المغربي
نال اسمها تقديرًا عالميًا وجوائز مرموقة، من بينها جائزة الابتكار العلمي من جمعية النساء في العلوم بشيكاغو، وجائزة التنوع العلمي من مختبر أرغون، وجائزة الإشراف المتميّز من وزارة الطاقة الأمريكية، لتغدو من أبرز العالمات في الفيزياء النووية التجريبية.
حين تلتقي الرياضة بالعلم
قبل دخولها عالم المختبر، لعبت كوثر كرة القدم ضمن صفوف المنتخب الوطني المغربي النسوي. من الملعب إلى المختبر ظلّت الطاقة الأولى حاضرة؛ إرادة لا تعرف التراجع وشغف لا يتوقف عند عتبة حلم واحد.
رسالة من مغربية إلى العالم
تحمل حفيظي روح الوطن حيثما حلّت، وتشجّع الفتيات على اقتحام ميادين العلوم، مؤمنةً بأن المعرفة طريق إلى الحرية، وأن الاكتشاف أبهى وجوه الحياة.
امرأة تكتب ضوءها الخاص
في ممرّات مختبر أرغون تمشي بين أنابيب الضوء وأجهزة القياس، تُنصت إلى نبض الذرّة كما تُنصت الروح إلى الموسيقى. وفي كل تجربة تحمل معها بعضًا من ذاكرة الوطن وصوت النساء اللواتي يحلمن بلمس المستحيل.
علاء البكري



