في عالمٍ تلمع فيه الأضواء على الخشبات وتُصفّق الجماهير للأسماء الكبيرة، تظل خيوط اللامساواة تنسج قصتها بصمتٍ في كواليس الموضة. ورغم التعيين الأخير للمصممة الإيطالية ماريا غراتسيا كيوري على رأس التصميم في دار «فندي»، فإن الحضور النسائي داخل المناصب الإبداعية الكبرى لا يزال محدودًا، كأن الإبرة التي غرَزت أولى ملامح الأناقة عبر التاريخ باتت الآن غريبةً عن المشهد.
ذكورية الإبداع في زمن التغيير
شهدت أسابيع الموضة في باريس وميلانو ثورة في التعيينات الإبداعية: اثنا عشر مصممًا جديدًا قدّموا مجموعاتهم الأولى في دور مرموقة، لكن اسمًا نسائيًا واحدًا فقط برز في الواجهة—لويز تروتر في «بوتيغا فينيتا». أما خلف الكواليس فتميل الكفّة مجددًا إلى الرجال، مع تغييرات أعادت الصوت الذكوري إلى مقاعد القيادة الإبداعية.
جائحة أعادت البوصلة إلى الوراء
ترى باحثات في تاريخ الموضة أن ما قبل الجائحة حمل بوادر انفتاحٍ نسبي نحو المصممات، غير أن الاضطراب الذي أعقبها أعاد المنظومة إلى نماذج أكثر محافظة، تُركّز السلطة الإبداعية في يد «المصمم الرجل» بوصفه ضمانة استقرارٍ سوقي.
عبقرية من طرف واحد
تنتقد أصوات نقدية هيمنة جيلٍ قديم من المديرين التنفيذيين على مجموعات كبرى، وتأسف لكون دورًا أسّستها نساء—لانفان، نينا ريتشي، سكياباريللي، سيلين—تُدار اليوم بأقلامٍ رجالية. تبدو أسطورة «المصمم العبقري» حائلًا ذهنيًا يُبقي النساء في الظل رغم حضورهن في كل حلقات الإنتاج.
أجساد تعمل وعقول تنتظر
تحضر النساء بكثافة في المشاغل والمدارس واللجان، لكن السقف الزجاجي يتحوّل جدارًا صلبًا عند قمة الهرم. حتى من بلغن الواجهة يُعامَل حضورهن غالبًا كـ«جسرٍ انتقالي» لا كقيادة قادرة على صياغة رؤية جديدة دائمة.
أصواتٌ تصنع طريقها الخاص
في مواجهة التهميش، تمضي مصممات نحو الاستقلال وبناء دورٍ تحمل أسماءهن—من إيريس فان هيربن إلى مولي غودار وسيمون روشا—لاستعادة حقّ القيادة والحرية الإبداعية، بينما يبقى السؤال: متى تتحوّل الموضة من مرآةٍ لجمال المرأة إلى ساحةٍ تعترف بعقلها وإبداعها؟
علاء البكري



