منذ اللحظة الأولى لانطلاق معرض أبوظبي الدولي للأغذية، بدا الرواق المغربي أشبه بحديقة من النكهات، تفيض بالألوان والعطور والذكريات. هناك، شدّ المغرب أنظار الزوّار بعرضٍ فريد يزاوج بين فن الطهي وسحر التراث، في تجربة حيّة حملت عنوان “كوكينغ شو”، جعلت من الطبخ عرضًا فنيًا يحتفي بالهوية والذوق معًا.
مطبخ يروي حكاية الوطن
شكّل حضور المغرب في هذا الحدث العالمي احتفاءً بذاكرة الطعم التي تشهد على تنوع البلاد وغناها. في أركان الرواق، وقف الشيف المغربي بثقة الحرفيّ الذي يحمل إرث أمهات الأجيال، يُعدّ أطباقًا مستوحاة من المنتجات المجالية المعروضة أمامه؛ الزعفران القادم من جبال تالوين بتارودانت، وزيت أركان المصفّى من ثمار الجنوب، والكسكس البلدي رمز اللمة العائلية، والبركوكش الذي يحتفظ بدفء القرى في برد الشتاء. فلسفة المطبخ المغربي تقوم على التوازن بين البساطة والعمق، واحترام المكونات الطبيعية كما هي، دون تكلّف أو بهرجة.
من الحقول إلى موائد العالم
لا تكتفي المبادرة بتقديم الأطباق، بل تكشف الرحلة الكاملة خلفها؛ من التعاونيات التي تنتج الزيت والعسل والتوابل بطرق تقليدية، إلى الأيادي التي تُعيد تقديمها بروح عصرية أمام جمهور عالمي. كانت لحظات العرض أشبه بمشهد سينمائي: أبخرة تتصاعد برفق، وبهارات تُنثر كما تُنثر القصائد، وزوّار يراقبون بدهشة كيف تتحول المنتجات المحلية إلى لوحات من النكهة والعبق والتراث.
الطعام… بوابة التعارف الإنساني
تحوّل هذا «المطبخ المفتوح» إلى جسر إنساني يربط بين الشعوب عبر المذاق. كل لقمة دعوة للتعرّف على المغرب كبلد يمتلك ثقافة ذوقية عميقة تروي تاريخًا من التبادل والانفتاح. وفي نهاية كل عرض، كان الزوار يتهافتون لاقتناء منتجات الرواق المغربي، وقد ازداد فضولهم لمعرفة قصص النساء اللواتي يصنعنها في القرى والواحات والجبال.
نكهة مغربية بلغة عالمية
من خلال هذه المشاركة، أثبت المغرب أنه قادر على تحويل التراث إلى تجربة معاصرة تُخاطب الحواس والعقل معًا. فالمطبخ المغربي، الذي وُصف مرارًا بأنه من أغنى مطابخ العالم، يواصل سحره في المحافل الدولية، مؤكّدًا أن الهوية يمكن أن تُقدَّم أيضًا في طبق.
علاء البكري



