حين يعود الحديث عن الزليج المغربي، تعود معه المدن التي صاغته؛ فاس بتدرجاتها العريقة، وتطوان بصفاء نقوشها.
في هذا الأفق، أعلنت وزارة الشباب والثقافة والتواصل عن الإطلاق الرسمي لمشروع تسجيل فن زليج فاس وتطوان ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية، تمهيدًا لانتقاله نحو اعتراف دولي يليق بمكانته.
إرادة تُعيد للتراث مساره الطبيعي
هذا المشروع يعكس رغبة المغرب في حماية هذا الفن وصونه، وتوفير المسالك التي تضمن استمراره داخل الذاكرة الجماعية، ونقله للأجيال المقبلة بما يعزز حضوره داخل الوطن وخارجه.
خطوة ترتكز على سنوات من العمل
في كلمة أُلقيت نيابة عن وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بنسعيد، جرى التأكيد على أنّ هذا المسار يأتي تتويجًا لسلسلة من المبادرات الرامية إلى جرد هذا التراث وتوثيقه، وتوفير السبل القانونية التي تحمي خبراته عبر “شارة التراث”.
فنّ تتجاور فيه الهندسة وروح الصنعة
وأوضح الوزير أن الزليج المغربي ليس عنصـرًا للزينة فحسب، فهو يحمل ذاكرة موروثة، ويجسّد انشغال الحرفيين بالدقة والجمال، كما يشهد اليوم إقبالًا لافتًا داخل المغرب وعلى الصعيد الدولي، وهو ما يعزز حضوره في الهوية الثقافية للمملكة.
تطوان وفاس… اختلاف التفاصيل ووحدة الجذور
من جانبه، أكّد عثمان العبسي، مدير مركز تطوان للتراث، أنّ العمل على تصنيف الزليج المغربي استغرق عقودًا طويلة، مشيرًا إلى أن بداياته الأولى سُجّلت قبل عهد الدولة المرابطية.
وأوضح أن الزليج التطواني يتّسم بخصوصيات جمالية واضحة من حيث اللون والشكل وطبيعة القطع، ولا يتجاوز عدد أشكاله سبعةً وعشرين، بينما يفوق الزليج الفاسي ستين شكلًا.
شهادة الباحثين حول المسار التاريخي
أما الباحث محسن الإدريسي فأشار إلى أن الزليج كان دائمًا جزءًا أساسيًا من العمارة المغربية، منذ القرن الثالث عشر، مستشهدًا بنماذج ما تزال قائمة في مدرسة الصفارين والمآذن التاريخية بفاس الجديد.
وبيّن أن هذا الفن عرف تحولات متتابعة منذ العهد الموحّدي، واستمر في تشكيل ملامح الجمال المعماري في المدن المغربية إلى اليوم.
معرض يحتفي بالمهارة المتجددة
وفي سياق الحدث، افتُتح معرض “الزليج المغربي: رصيد تاريخي وإرث حي”، حيث عرض حرفيون مغاربة أعمالًا تعكس تطور هذا الفن منذ نشأته الأولى إلى صوره المعاصرة.
ويقدم هذا المعرض رؤية شاملة لمسار طويل ظل فيه الزليج علامة جمالية تحافظ على أصالتها وتستقبل التجديد بروح منفتحة.
علاء البكري



