تحوّل الذكاء الاصطناعي خلال الأشهر الأخيرة إلى رفيق موثوق لملايين المستهلكين في رحلة البحث عن العروض المثالية. ويكشف هذا الرفيق الرقمي عن طرق أسرع وأسهل للوصول إلى أفضل الأسعار، ويوفر مستويات مدهشة من الراحة والتوفير المالي، في زمن تتسارع فيه الحياة ويضيق فيه الوقت وتزداد فيه الرغبة في الشراء المدروس.
وتؤكد استطلاعات حديثة أجرتها “كاسبرسكي” أنّ المستهلكين مستعدون لاحتضان هذا التحول؛ فقد استخدمه أكثر من سبعين بالمئة من المشاركين، بينما دمجه عدد كبير منهم في تفاصيل يومهم، من إعداد قوائم التسوق إلى التخطيط المالي للأسرة. ويتوقع أن يبلغ هذا الاتجاه ذروة جديدة خلال موسم الأعياد المقبل، مع ارتفاع الاعتماد على المساعدين الذكيين في اتخاذ القرارات الشرائية.
تجارة جديدة تولد من الخوارزميات
لم تعد عملية التسوق مجرد مقارنة بين أسعار متقاربة، فقد ظهرت تجارة جديدة، قوامها خوارزميات تتولى مراقبة الأسواق، وتترقب اللحظة المناسبة لاقتناص الفرصة المثالية. يكفي أن يكلف المتسوق وكيله الرقمي بمراقبة جهاز ما، حتى يتكفل الذكاء الاصطناعي بمتابعة الأسعار وإتمام الشراء عند الوصول إلى السعر المستهدف.
وتستفيد العلامات التجارية الكبرى من هذا التحول بذكاء لافت؛ إذ يجري دمج الذكاء الاصطناعي في مراحل التجربة الشرائية كافة، من تسعير ديناميكي، وإدارة مخزون تعتمد على التنبؤ، وصولًا إلى توصيات شخصية ومساعدي محادثة يفتحون أبواب المتاجر عبر شاشة الهاتف. وتتيح بعض المنصات استكشاف المنتجات وشرائها مباشرة من خلال روبوتات المحادثة مثل ChatGPT، في مشهد يصوغ مستقبل البيع بالتجزئة.
ظلال رقمية تترصد خلف الراحة
ترافق سهولة التسوق عبر الذكاء الاصطناعي مخاطر سيبرانية متزايدة. فإسناد مهام الدفع والشراء لوكلاء رقميين يفتح منافذ خفية للهجمات، قد تستغل ثغرات في روبوتات المحادثة لإعادة توجيه المستخدمين نحو مواقع خبيثة، ما يؤدي إلى تسريب بيانات الدخول ووقوع ضحايا في فخ الاحتيال المالي.
وبرزت أساليب أكثر دهاءً؛ إذ ينتحل مجرمون هوية متاجر عالمية مثل “أمازون” و”وول مارت”، ويرسلون رسائل مغرية تزعم تقديم خصومات وجوائز حصرية. وقد أشارت تقارير أمنية إلى ارتفاع ملحوظ في التهديدات السيبرانية التي تستهدف قطاع التجزئة قبيل عروض “Black Friday”، مما يزيد من خطورة التسوق غير الواعي.
أمان رقمي يُبنى بالعادات الذكية
ويستطيع المتسوق الحفاظ على مزايا الذكاء الاصطناعي من دون التخلي عن الأمان، عبر تبني ممارسات بسيطة تمنح التجربة ثقة واستقرارًا. تبدأ الحماية بصياغة أوامر دقيقة عند استخدام المساعدات الرقمية، إذ تمنح التعليمات الواضحة نتائج أكثر موثوقية، وتحد من المخاطر المرتبطة بالعموميات المضللة.
وتزداد مستويات الحماية حين يتجنب المستخدم مشاركة تفاصيل الدفع مع أدوات مجهولة المصدر، ويعتمد على منصات موثوقة، ويعزز حساباته بالمصادقة متعددة العوامل. كما يساعد التحقق من عناوين المواقع وفتح الروابط من المصادر الرسمية على تجنب المصائد الرقمية التي تنتشر خلال موسم العروض.
وتواصل شركات الأمن السيبراني تطوير حلول متقدمة لحماية المعاملات عبر الإنترنت، مستندة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي نفسها، في مواجهة تهديدات تتطور بوتيرة مشابهة. وهكذا يتشكل توازن جديد بين الراحة والأمان، يجعل من الذكاء الاصطناعي رفيقًا نافعًا حين يُستخدم بوعي، وحارسًا أمينًا حين تُصان قواعد السلامة الرقمية.
تحرير: علاء البكري



