الطلاق: حكاية مجتمع يتغيّر بصمت

- Advertisement -

ينسج الطلاق في المغرب واقعًا متغيرًا، تتداخل فيه تداعياته النفسية والاجتماعية في كل بيت. تواجه الأسر لحظات من الحيرة والقلق، ويعيش الأطفال صمتهم العميق أمام تغيّر الروتين الذي اعتادوه، ويتساءلون عن حضور الوالدين واستمرارية الأمان. تحد المرأة نفسها أمام خيار إعادة ترتيب حياتها، وموازنة رغبتها في الاستقلال مع التزاماتها العاطفية والاجتماعية.

إحصاءات تكشف الواقع


في هذا الشأن، تشير بيانات المجلس الأعلى للسلطة القضائية إلى تسجيل 40,214 قضية طلاق في 2024، بزيادة طفيفة عن العام السابق. وغالبية هذه القضايا – نحو 96.83٪ – تمّ تسويتها بالتراضي، في ظل رغبة الأزواج في إنهاء العلاقة بطريقة واعية وسلمية، بعيدًا عن النزاع القضائي الطويل. وتمثل قضايا “التطليق للشقاق” ما يزيد عن 97٪ من مجموع قضايا التطليق، فيما بلغ مجموع الأحكام القضائية الصادرة 40,771 حكمًا.

النساء بين الصبر واتخاذ القرار


تواجه المرأة المغربية تحديات الطلاق بعقل ووعي، ساعية للحفاظ على كرامتها واستقرارها النفسي. وتعكس الخيارات التي تتخذها في هذه المرحلة وعيًا متزايدًا بحقوقها، وقدرتها على إعادة بناء حياتها ضمن مجتمع ما زال يختبر التحولات الثقافية والاجتماعية.

الأطفال وجوهر التغيير


يتحمل الأطفال عبء الانفصال في صمت، يتنقلون بين البيوت والأسئلة التي لا يجدون لها إجابة مباشرة، يبحثون عن الاستقرار وسط تغيير مفاجئ في حياتهم اليومية. يحتاجون إلى متابعة دقيقة ودعم نفسي مستمر ليحافظوا على شعورهم بالأمان، وتجنب أن يتحول الانفصال إلى جرح دائم في وعيهم.

المجتمع والتكيف الصامت


ويتفاعل المجتمع المغربي مع هذه الظاهرة بصمت، ويمر بمرحلة إعادة ترتيب هادئة. الجمعيات الحقوقية والمنظمات النسائية تعمل على تقديم الدعم النفسي والقانوني، وتوفير التوعية اللازمة، لتخفيف الأثر الاجتماعي للانفصال على الأسرة، وإعادة رسم مفاهيم العلاقات الأسرية بطريقة أكثر وعيًا وانفتاحًا.

مسؤولية مشتركة


ويعد الطلاق تجربة صعبة على كل الأطراف، يتطلب وعيًا وإدراكًا للمسؤوليات المتبادلة بين الأبوين والمجتمع. التركيز على حماية الأطفال، واحترام الحقوق والواجبات، والحفاظ على العلاقات الإنسانية، هو ما يضمن استمرار تماسك الأسرة المجتمعي، ويمنح كل فرد القدرة على تجاوز تداعيات الانفصال مع أقل قدر من الأضرار النفسية والاجتماعية.

علاء البكري