يترك الطلاق وراءه فراغًا ممتدًا، لكنه يملأ القلوب بأصداء التوتر والقلق. كثير من الأزواج يعيشون في دوامة متواصلة من النزاعات، تتراوح بين الصغيرة والكبيرة، تشمل الحضانة والنفقة وتنظيم لقاءات الأطفال، بحيث تصبح كل لحظة مشتركة مناسبة للتحدي والاحتكاك. تحمل الحياة بعد الطلاق معها مواجهة يومية جديدة، حيث تبقى آثار الانفصال محفورة في النفوس قبل أي حكم قضائي أو وثيقة رسمية. كل رسالة، كل مكالمة، كل قرار مرتبط بالأطفال يتحول إلى اختبار لصبر الأطراف وقدرتهم على التفاهم.
المناوشات القانونية واليومية
وتحمل القضايا التي تصل إلى محاكم الأسرة أكثر من طابع قانوني؛ فهي انعكاس لسنوات من الشدائد النفسية والاجتماعية، وفشل الحوار بين الطرفين. التذكيرات بالمواعيد، الرسائل المتبادلة، النزاعات حول النفقة أو المصاريف، كلها عوامل تزيد من شدة المناوشات اليومية. اللقاءات التي يفترض أن تكون مناسبة للتفاهم تتحول إلى ساحات صراع، حتى في أبسط القرارات المتعلقة بالطفل، لتترك في النفوس شعورًا بالضغط المستمر وعدم الاستقرار.
أثر النزاعات على الأبناء
الأطفال هم الأكثر تأثرًا، فهم يعيشون في قلب هذه العاصفة النفسية، ويشاهدون صراعات الكبار دون قدرة على التأثير فيها. يشعرون بعدم الأمان، وتتراجع ثقتهم في الاستقرار الأسري، ويصعب عليهم التعبير عن مشاعرهم أو فهم أسباب الخلافات المستمرة. كل مناوشة يومية، وكل دعوى قضائية، تترك أثرًا عاطفيًا يمتد لسنوات، يؤثر على نموهم النفسي والاجتماعي، ويشكل تحديًا إضافيًا أمام الأبناء في حياتهم اليومية وفي تكوين شخصياتهم المستقبلية.
الحاجة إلى التوجيه والدعم
وفي ظل هذا الواقع، يظل الحوار الصادق والدعم النفسي حجر الزاوية للتخفيف من وطأة الصراعات. ويلعب الأخصائيون والمستشارون الأسريون والجمعيات المجتمعية دورًا محوريًا في توجيه الأطراف، وفتح قنوات تواصل تضمن حقوق الجميع، وتحمي الأطفال من تبعات النزاع النفسي والاجتماعي. ويمكن للدعم المناسب أن يحوّل الانفصال من صراع دائم إلى مرحلة قابلة للتعايش وإعادة البناء، حيث يصبح احترام الحقوق وتوازن المشاعر أساسًا لاستمرار الحياة بشكل أكثر استقرارًا.
تحرير: علاء البكري



