نينا كالو: فنانةٌ تكسر صمت الإقصاء وتحمل التوحّد إلى منصّة التتويج

- Advertisement -

اعتلت الفنانة البريطانية النيجيرية نينا كالو خشبة الإعلان عن جائزة “تورنر” لعام 2025، لتُسجّل حضورًا غير مسبوق في سجل الفن المعاصر.
كان المشهد في برادفورد مفعمًا برهبة الإنجاز، إذ صعدت نينا برفقة ممثلتين عن مؤسسة “أكشن سبيس” التي رافقت مسارها الفني لأكثر من خمسة وعشرين عامًا، فيما أعلنت مديرة الاستوديو شارلوت هولينسهيد أنّ هذا الفوز يشبه فتح باب ظلّ مغلقًا طويلًا في وجه الفنانين ذوي الإعاقة.

من صمت التهميش إلى بهاء الاعتراف

لم تكن خطى نينا على الساحة سهلة. ظهرت في التسعينات وسط جدار من التجاهل الذي أحاط تجربتها ببرود مؤسساتي، فتبدّد وهج أعمالها في مساحات لم تمنحها الاحترام الذي تستحقه.
ومع السنين تراكَم الصبر حتى غدا قوة، وتحول وجع الإقصاء إلى طاقة تمنح لمسيرتها عمقًا وقدرة على التجدّد.
وبعد سنوات من الرسم ثنائي الأبعاد، انطلقت نحو فضاءات أوسع عبر منحوتات ضخمة مركّبة من طبقات القماش والورق والأشرطة المغناطيسية، أعمال تنبض بعلاقة حسية بين الجسد والمادة، وتعبّر عن ارتعاشة داخلية تنسجها بصمت ووعي عميق.

لغة فنية تتجاوز حدود النطق

وطوّرت نينا أسلوبًا خاصًا يعتمد على دورات دائرية متكررة، لونًا وشكلاً، كأنها بصمات حسية تصدر عن جسد يمنح الحركة معنى آخر.
ودفعت هذه اللغة البصرية المتفردة لجنة تحكيم جائزة “تورنر” إلى اختيار أعمالها، ومنها “الرسم 21” وسلسلة “منحوتات معلّقة 1–10”، تقديرًا لقدرتها على تحويل الإيماءة العابرة إلى عمل فني يفيض قوة وجمالًا.
ووصف منظمو الجائزة حضورها الفني بـ”الطاغي”، بينما رأت قيّمة الفنون ليزا سلامنسكي في هذا التتويج لحظة تعيد ترتيب العلاقة بين الإعاقة والفن، إذ تغدو التجربة الفنية قيمة قائمة بذاتها لا تحتاج إلى تفسير خارج عن حدود الإبداع.

تتويج يفتح أفقًا جديدًا للفنانين ذوي الإعاقة

ويحمل فوز نينا كالو وزنًا رمزيًا عميقًا، إذ يمثل تكريمًا لعمل فني وإعلانًا عن حق فئة كاملة في أن تُرى وتُسمع وتُحتفى بها.
ومع الجائزة، ستتسلم نينا مبلغ خمسة وعشرين ألف جنيه إسترليني، بينما يحصل الفنانون المرشحون الآخرون على عشرة آلاف جنيه لكل منهم، إلا أنّ القيمة المعنوية لهذا الفوز أكبر من أي رقم، إذ يرسّخ مكانة الفنانين ذوي الإعاقة داخل المشهد العالمي، ويمنح تجاربهم موقعًا يليق بثرائها وجرأتها.

علاء البكري