“إيلا صْبّاتْ في الصّْمايْم، بِعْ الزرع وشْـري البْهايْـم”
الصّْمايْم الصمايم
علاء البكري
الخامس والعشرون من يوليوز يصادف في الثقافة الشعبية المغربية أول أيام “الصّْمايْم”، وهي الفترة التي يسجل فيها ارتفاع مهول في درجات الحرارة، على خلاف باقي شهور السنة.
ولغوياً ، نجد الأصل الفصيح لكلمة “صْـمايْـمْ” بالدارجة المغربية في اللفظ العربية “سمائم”، جمع “سَموم”، وهي الريح شديدة الحرارة، والسَّموم أيضاً هو الحرّ الشديد النافذُ في مَسامّ الجسد.
وفي حديث عائشة (ض) أنها كات تصوم في السَّفر حتى أذلقها السّموم، أي حرّ النهار.
وتعد “منزلة الصّْمايْم” من الموروث الثقافي الشعبي التليد، إذ ينتظرها الفلاحون لحفر الآبار، وغرس بعض الأشتال مثل الطماطم، وجمع محصولات العسل، والتنبؤ بأمطار العام المقبل. كما تعد في أعراف التوزيع الفلكي للمنازل الفلاحية أسخن فتزة في السنة، إذ بفعل حرارتها المفرطة تجف منابع المياه. فيما يعتقد سكان الصحراء أن حرارة أشعة فترة الصمايم الحارقة هي من يساعد على إنضاج التمور تمهيدا لعملية الجني بنهاية الخريف .
وتقع “منزلة الصمايم” بين الخامس والعشرين من شهر يوليوز وخامس شتنبر من كل سنة ؛ أي أنها تمتد أربعين يوما من كل فصل صيف، و أربعة أيام من فصل الخريف، حيث ترتفع فيها درجة الحرارة بشكل كبير.
وتشمل “الصمايم” أربع منازل من منازل السنة الفلاحية، وكما نعلم أن السنة تحوي أربعة فصول وفي كل فصل سبع منازل؛ مما يعني أن في السنة ثماني وعشرين منزلة.
والمنازل هي أكثر ما كان يعتمد عليها الفلاحون وأئمة المساجد ومؤذنوها، حيث إن الفلاحين كانوا يعرفون من خلالها الأعمال التي عليهم القيام بها من حرث وغرس وحصاد ودرس… بينما كان الأئمة والمؤذنون يعتمدون عليها في تحديد أوقات الصلاة قبل ظهور الساعات وانتشارها الواسع.
ويقول المثل الشعبي المتوارث «خروج الليالي نْــعايْــمْ وخروج الصْمايْــمْ نْــقايْــم» -(خروج ليالي البرد نعمة، وخروج السمائم نقمة)-، تأكيدا على أن موسم الليالي المراد بها فترة البرد القارس غالبا ما تتزامن مع التساقطات المطرية المهمة التي تنسي الإنسان ما عاناه من برودة في حين أن حر الصمايم لا يقاوم و لا يليه إلا الجفاف و الإرهاق الناتج عن أشعة شمس حارقة متعامدة مع الأرض .
ويقال إن حر “الصّْـمـايْـم” في شهر غشت هو الذي يُنضج فاكهة التّـيـن التي يتزامن نضجها مع نهاية العشرين يوماً الأخيرة من فترة “الصّْمايْم“. ويعمد الفلاحون من سكان البوادي الى الاعتكاف بمنازلهم خلال هذه الفترة اتقاء للقيظ مستغلين إيَّاها كفترة للراحة السنوية التي تقل بها الأنشطة الفلاحية و تستريح التربة و تمكث قطعان المواشي في حظائرها.
ومن الحكم الشعبية التي توارثها المغاربة أبا عن جدّ قولُـهم: “إيلا صْبَّــاتْ في الصّْـمايْـمْ، بِـعْ الزرع وشـري الـبــهايمْ”… أي إذا هطل المطر في فترة “الصّْمايْم“، فينبغي عليك أن تبيع المحصول الزراعي وتشتري الأغنام والبهائم.
وبعد فترة الحر، تأتي فترة البرد القارس ابتداء من الخامس والعشرين من دجنبر من كل سنة وتدون أربعين يوماً. يسميها المغاربة “الْليالي” وهي من أشدّ أيام السنة برودة.
علاء البكري