لا شك أن وباء كورونا القاتل قد ألحق أضرارا جسيمة بجل القطاعات الحيوية للمملكة جراء تدابير الإغلاق العام والحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، ومن بين هاته القطاعات التي تأثرت، قطاع الصناعة التقليدية. وهذا ما خلصت إليه مجموعة من الاستجوابات التي قمنا بها مع بعض الصانعات التقليديات اللواتي أكدن على التأثر السلبي الذي عم مناحي حياة الصناعة التقليدية المغربية خاصة والعالمية عامة.
في هذا الإطار، أكدت نورة جودار، صانعة تقليدية مغربية تشتغل بقرية آيت ورير في مجال الطرز والخياطة، أنها تأثرت بالأزمة خلال فترة الجائحة، حيت أضحت مبيعاتها تعاني حالةً من الكساد، كما شددت على أن الأزمة تسببت في غلاء ملحوظ على مستوى أثمنة المواد الأولية، الأمر الذي ثَبَّط عزيمتها في عملية الإنتاج والخلق والإبداع، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنها تحاول الاستفادة من الفرص التي تخلقها الدولة لمساعدة الصانعات التقليديات .
كما أشارت السيدة نورة إلى أنها لم تعد تبيع منتوجاتها للمتاجر الصغيرة الموجودة في منطقتها، كما لم يعد أصحاب المحلات قادرين على اقتناء مبيعات الصانعات لتسويقها، مضيفة أن أغلب الورشات المتواجدة في منطقتها قد أغلقت بسبب الكوفيد، وهذا ما دفعها للتوقف من استفادتها من الدورات التكوينية التي تنظمها التعاونيات وجمعيات المجتمع المدني.
وبدورها، صرحت الصانعة رشيدة البرغي لمجلة (فرح)، أن وضعيتها المادية قد تأثرت تأثرا شديدا إِبَّانَ الجائحة. تشتغل هذه الصانعة في منطقة سيدي رحال بالطرز، ومن بين أنواع الطرز التي تتقنه رشيدة، نجد الطرز الرباطي، والطرز على مجموعة من الأقمشة كالطرز على القطيفة مثلا، والطرز بتجانس الألوان على الثوب كالجوهرة و الحرير إلخ، وذلك باستعمال أنواع مختلفة من الإبر. وأكدت البرغي أنها كانت تستفيد من الإعانات التي كانت تُمنح للصناعات لتشجيعهم على الإنتاج،كما كانت تستفيد أيضا من المنح التي تعطى من طرف المندوبية الجهوية للصناعة، وكذا من طرف الغرف (غرف الصناعة التقليدية).
وللتخفيف من حدة آثار هذه الأزمة على قطاع الصناعة، قامت المملكة المغربية بمجموعة من الإجراءات التي سوف نتحدث عنها بالتفصيل فيما سيأتي، والتي تشمل المعارض والحملات التحسيسية.
فَمقارنةً بقطاع السياحة المغربية الذي لازال يشهد تراجعا كبيرا منذ حلول الجائحة، فإن قطاع الصناعة التقليدية بدأ يعرف انتعاشا ملحوظا من خلال مجموعة من المعارض التي تنظمها الغرف التقليدية بمشاركةٍ مع مجموعة من الفاعلين الجمعويين على صعيد المملكة، لتشجيع وتحفيز الصانعات التقليديات على الخلق والإبداع من جديد، وعلى مزيد من العطاء والتألق، لاسيما إذا علمنا أن الصناعة التقليدية تعتبر ركيزة من ركائز ثقافتنا المغربية.
وفي سياق متصل، شهد هذا القطاع مجموعة من الحملات التحسيسية التي تهم السجل الوطني للصناعة التقليدية المرتبطة بورش الحماية الاجتماعية، التي نظمت لفائدة الصانعات و الصناع التقليديين بمجموعة من الجماعات. وتأتي هذه الحملات المنظمة من قبل الخلية المشتركة بين فرق الصناعة التقليدية والمديريات الجهوية للصناعة التقليدية في إطار سلسلة اللقاءات التحسيسية للتسجيل بالسجل الوطني للصناع التقليديين، طبقًا للبرامج المسطرة بين كل من الأطراف.
هذا، وسيمكن هذا التسجيل من الاستفادة من التأمين الصحي الخاص بالأشخاص العاملين لحسابهم الخاص، والذي يديره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لتمكين الصانعات والصناع التقليديين من الاستفادة من التغطية الصحية الكاملة.
ويهدف هذا السجل أساسا إلى تحديد جميع العاملين في قطاع الصناعة التقليدية والحرف المرتبطة بها في المغرب، التي تشمل مجموعة من الحرف كالفخار والطرز ومواد التجميل الطبيعية المصنعة من الأركان. وسيتمكن كل صانع تقليدي أو حرفي وكل تعاونية أو شركة تشتغل في هذا القطاع، عن طريق هذا التسجيل، من الحصول على رقم هوية الصانع التقليدي، الأمر الذي سيمنح له صفة الوضع الرسمي للصانع التقليدي، وبذلك سيتمكن من خلاله من الاستفادة من عدد واسع من الخدمات التي تقدمها الجهات المشرفة على القطاع مثل البرامج التكوينية والتدريبية، والمشاركة في المعارض، وحصول المنتوجات والخدمات على العلامة، ومساعدات لتسهيل الولوج إلى الأسواق المغربية من خلال الاستفادة من خبرة وتجربة مجموعة من المؤطريين لإنتاج منتوجات بميزات عالمية،لتمكينهم من ولوج الأسواق العالمية، بعد التسجيل في المعارض الدولية التي تنظم بالتعاون مع مجموعة من الجمعيات المحلية والدولية التي تهتم بالصانعات والصناع التقليديين.