تقدير التراث و حماية الهوية: فنون النسيج المغربي
ثناء بوشيبة: طالبة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان
كانت المنسوجات عنصرا أساسيا في الحياة اليومية منذ بداية الحضارة الإنسانية ، وبالتالي تطورت الأساليب والدراية الفنية فيما يتعلق نسجها، في حين أن وظائفهم ظلت على ما كانت عليه .
وتشمل فنون النسيج ضروباً عديدة مثل النسيج بالخيط، أو الغزل بالصوف، أو القطن، أو الألياف الاصطناعية والمعدنية، وتقنيات معالجة هذه المواد، مثل الحياكة و الخياطة للأقمشة (مع المزيد من الأشكال الفنية مثل الترقيع أو خياطة اللحف)، والحياكة أو “الكروشيه” أو التضفير (البرشمان). كما أن هناك طرقاً لتجميل أو تعديل أقمشة النسيج، مثل التطريز ، والصباغة أو تطبيق “الدانتيل”.
وتشمل أعمال وخز الإبر، المعروفة أيضا باسم حرفة الإبرة، مجموعة واسعة من التقنيات الإبداعية باستخدام الإبر لإنشاء أنماط وتصاميم على مواد مختلفة. ويعود تاريخ هذا النوع من الفن الحرفي (الحياكة) إلى آلاف السنين، وتم ممارسته في مختلف الثقافات في جميع أنحاء العالم. إذ من المؤكد أن الإبرة مرتبطة بالصبر والدقة والإبداع، وقد لعبت دورًا مهما في تاريخ الحرفية والفنون اليدوية.
لا شك أن تاريخ فنون النسيج بالمغرب متجذر بعمق في ثراء الثقافة المغربية التي يعود تاريخها إلى قرون طويلة وتعكس الهوية المتنوعة للبلاد. وتتميز فنون النسيج المغربية بحرفها المعقدة وزخارفها الرائعة واستخدامها الماهر للألوان، وبقطعها ذات الجمال الفائق والقيمة الثقافية الغنية .
وتعود الآثار الأولى لفنون النسيج بالمغرب إلى عصر ما قبل الإسلام، عندما أنتجت القبائل الأمازيغية و اليهودية أقمشة من الصوف النباتي والألياف. ومع وصول الإسلام إلى هذه الربوع في القرن السابع، تم إثراء تقنيات النسيج بفضل التبادلات الثقافية مع الحضارات الأخرى، بما في ذلك الأندلس وشبه الجزيرة العربية والفرس، حيث بدأت المنسوجات المغربية في دمج الأنماط الهندسية المعقدة والحلي الزهرية، متأثرة بالفن الإسلامي.
في تلك القرون، تم تشكيل المنسوجات من قبل سلالات مختلفة، كل منها له تأثيره الجمالي الخاص. تحت حكم سلالة المرابطين في القرن الحادي عشر، ازدهر إنتاج النسيج، مع التركيز بشكل خاص على السجادات والأقمشة المزينة بثراء، و مع تأثير الأسرة السعدية في القرن السادس عشر، أصبح الحرير مادة شائعة جدا. ووصلت تقنيات الصباغة والتطريز إلى آفاق جديدة من التطور.
وترتبط حرفية النسيج المغربية ارتباطا وثيقا أيضا بالتقاليد البدوية للأمازيغ الذين ينتجون سجادات رائعة منها على شكل معلقات على الحائط وأغطية صوفية و حلي نسائية بعد اندماج الفن الأمازيغي باليهودي خلال هجرة اليهود من مصر الى المغرب خلال طرد اليهود من مصر خلال الفترة الفرعونية ، وغالبا ما تكون مزينة بزخارف ورموز مهمة، فإن النساء الأمازيغيات مسؤولات تقليديا عن ابتكار هذه المنسوجات، وبالتالي توارث هذه التقنيات القديمة من جيل إلى جيل. وبعد هجرة الموريسكيين من الأندلس الى المغرب، خضعت الحرف النسيجية المغربية لتطورات خلال الاستعمار الأوروبي في بداية القرن العشرين دون فقدانها هويتها الأصلية.