أخباررائدات

فاطمة الزهراء أوطيب: أول سائقة من نوعها في المغرب

حوار: سعاد القماري

بعمر صغير دخلت مجالا يحتكره الرجال، متحدية المجال الجغرافي الصعب، والنظرات الدونية من طرف بعض الأشخاص. هي أم لأربعة أطفال، وعلى الرغم من أنها لم تكمل دراستها إلا أنها عادت للتحصيل العلمي بعد انقطاع طويل، وأصبحت اليوم أول سائقة سيارة إسعاف في المغرب، بعمر 28 سنة فقط. تقدم خدماتها في التمريض والنقل عبر سيارة الإسعاف للمحتاجين دون مقابل، وتسعى من خلال مهنتها إلى تقديم يد المساعدة قدر ما أمكن.

 

فاطمة الزهراء هي شابة مغربية طموحة ومثال للمرأة المغربية المثابرة والمكافحة، مجلتكم (فرح) تقربكم من حياتها وتسوق لكم مسارها المهني، والعراقيل التي واجهتها؟

بادىء الأمر من هي فاطمة الزهراء ؟

اسمي فاطمة الزهراء أوطيب أبلغ من العمر 28 سنة، وأنحدر من إقليم بولمان عمالة ميسور تحديدا إقليم سكورة التي ازددت فيها، بالنسبة للمسار الأكاديمي كنت قد انقطعت عن الدراسة لأجل الزواج في سن الخامسة عشر، وانتقلت مع زوجي إلى صفرو حيث أنجبت أطفالي الأربع، لكن عدت بعدها لإتمام الدراسة.

كنت ربة بيت عادية حتى كبر أطفالي نسبيا، فأدركت أنني لا أستطيع الاكتفاء بهذا الدور وإنما يجب عليا أن أشتغل أو أدرس أكثر، فتقدمت لاجتياز البكالوريا الحرة وعندما تمكنت من تحقيقها، ازدادت ثقتي في إمكانياتي وأنني لازلت قادرة على التحصيل والعطاء.

 

كيف جاءتك فكرة مزاولة سياقة سيارة الإسعاف؟

بعد حصولي على شهادة البكالوريا بدأت مساري المهني بالتدريس في قطاع التعليم الأولي ومحاربة الأمية، إلى حين اكتشافي مرض ابنتي بالقصور الكلوي فبدأت معاناتي النفسية والبدنية مع رحلة استشفاءها، وبعد فترة وجيزة تم تشخيص مرضها على أنه تشوه خلقي مما يعني أن رحلة المعاناة هذه مع التداوي والاستشفاء ستطول.

 حينها راودتني فكرة ولوج مجال التمريض، حصلت أولا على شهادة مسعفة من الهلال الأحمر ثم بعدها بسنوات صممت على دخول معهد خاص للتمريض، وثابرت في التحصيل والتعلم إلى أن نلت دبلوم التمريض وقضيت بعدها فترة تدريب بمستشفى محمد الخامس، التجربة مكنتني من مساعدة ابنتي حيث استوعبت حالتها المرضية وأوقاتها الحرجة ولم أعد أحتاج إلى نقلها للمستشفى، خصوصا بعد إتقاني للأساليب العلاجية بالأدوية.

شاركت بعدها في العديد من القوافل الطبية كمتطوعة، ولاحظ بعض الفاعلين الجمعويين حينها أنه بالإضافة إلى تمكني من عملي كممرضة فإنني أتقن قيادة المركبات الكبيرة التي حصلت على رخصة سياقتها من قبل. فاقترحوا علي سياقة سيارة إسعاف الجمعية. قبلت الفكرة والتحدي مؤمنة بفائدة التجربة ومتعتها، ومنذ ذلك الحين وأنا أستمتع بعملي الذي يفوق فيه الأجر الأجرة.

أصبحت أنقل الموتى مجانا، وأقوم بالإسعافات والتمريض بالمنازل خصوصا للذين أجروا عمليات جراحية، وجدت راحتي في هذا الأمر واكتشفت نفسي في هذا الواجب الذي أعتبره أكثر من مجرد مهنة، لم أهتم لما هو مادي ولا مشكلة لدي للدخول متأخرة إلى البيت طالما أن السبب هو عمل خيري.

ما هي الإكراهات التي واجهتها في مسارك المهني ؟

عانيت كثيرا بكل ما تحمل الكلمة المعاناة من معنى، لو لم تكن لدي شخصية قوية لما استطعت المواصلة في هذا المجال، لم أكثرت للانتقادات الذكورية التي تعتبر مهنة السياقة مهنة رجل لا علاقة للمرأة بها.

 لكنني كنت أتأثر في بعض الأحيان بما واجهته من طرف سائقي سيارات الإسعاف الخاصة، الذين رأوا في عملي خطرا يهددهم، حيث شنوا علي حملات تشنيع و تشهير في مواقع التواصل الاجتماعي من خلال إنشاء صفحات باسمي و صورتي، ونسبوا إلي عبرها سلوكيات لا أخلاقية، لكنني لم أستسلم لأن هدفي أخلاقي وسامي وهو فعل الخير، عكس ما يصبون إليه وهو الاستغلال المادي ولو تعلق الأمر بنقل الأموات.

كيف تزاوجين بين مسؤولياتك المهنية وأدوارك الأسرية خصوصا وأنت أم لأربعة أطفال؟    

من توكل على الله فهو حسبه، إن توفرت النية الحسنة فلابد أن يأتي التوفيق من الله خصوصا في مجال هدفه فعل الخير، بالنسبة لزوجي دائما ما يدعمني ودائما ما يطلب مني ألا أقحمه في أي تصريح يخص عملي وأنا أحترم رغبته هذه.

 أما عن أولادي فقد تعلموا حس المسؤولية، أحضر لهم واجباتهم اليومية قبل ذهابهم إلى المدرسة، وأنطلق إلى عملي، لنعود بعدها عند الظهيرة لتناول الغذاء، ثم نخرج مرة أخرى كل إلى وجهته. لدينا نظام يومي منضبط، وهذا انعكس على مردودية أولادي الدراسية حيث أنهم متفوقون ولله الحمد، كما أنهم يعتبرونني أختا لهم أكثر من أمهم.

هل سبق لك أن تعرضت للتحرش أو لمضايقات  في مجال عملك؟

التحرش لا، ولكن لازلت أتعرض لبعض المضايقات الحقيقية في المستشفى من طرف زملائي الرجال سائقي سيارات الإسعاف، حيث يصل الأمر أحيانا إلى البصق أمامي وانا ألج باب المستشفى، وكنت أنهار أحيانا وأعود أدراجي إلى البيت وأجهش في البكاء، لكن سرعان ما أصلب طولي وأنهض متذكرة عظمة العمل الذي أقوم به.

 ماهي نصيحتك ورسالتك للفتيات بصفة عامة، وللفتيات التي تملك طموحا للاشتغال في مهن يحتكرها الرجال فقط بصفة خاصة؟

 نصيحتي للفتيات: ادرسن، تعلمن وضعن هدفا نصب أعينكن، واجتهدن واحرصن على التحصيل العلمي وتحقيق هذا الهدف، فمع العزيمة والإصرار تهون كل العقبات، طالما أن الهدف هو هدف جيد ويخدم المجتمع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى