لا جرم أن شهر رمضان المبارك هو أعظم شهور السنة في العالم الإسلامي، إذ يجسد روح العبادة والتقوى، ويعد مناسبة عظيمة للمسلمين في مختلف أنحاء العالم.
ومع حلول هذا الشهر الفضيل، تتجدد العادات والطقوس التي تتوارثها الأجيال، ما يعكس التقدير العميق لهذا الشهر الكريم في قلوب المسلمين.
ويتباين الاحتفال برمضان من بلد لآخر، فتتعدد العادات والتقاليد التي تميز هذا الشهر وتضفي عليه طابعًا خاصًا. فيشهد الشهر الفضيل في كل دولة إسلامية مجموعة من العادات الاجتماعية والطقوس الخاصة التي تعكس التنوع الثقافي والتاريخي للأمة الإسلامية.
وفي هذا المقال، نحاول استعراض أبرز هذه التقاليد في بعض الدول الإسلامية.
تونس: “سيدي رمضان”
في تونس، يتم الاحتفال بشهر رمضان بشكل خاص، حيث يُطلق عليه اسم “سيدي رمضان”، ويعتبره التونسيون سيد الشهور.
ويبدأ الاحتفال بتهيئة الأسواق لشراء مستلزمات رمضان مثل التوابل، الدقلة (التمر التونسي)، والشعير.
ويعرف شهر رمضان في تونس حركة نشطة في الأسواق، ويستعد التونسيون لاستقبال الشهر الكريم بكل فرح وحيوية.
السودان: الإفطار الجماعي
أما في السودان، فإن شهر رمضان يحمل طابعًا جماعيًا مميزًا، حيث يقوم الرجال بالخروج إلى الساحات العامة وقت الإفطار، ويتم تناول الطعام معًا بشكل جماعي.
ويشمل هذا التقليد دعوة المارة والفقراء للمشاركة في الإفطار، وتُعَد هذه عادة رمضانية تهدف إلى تعزيز التضامن الاجتماعي.
كما يُعد “الحلو مر”، شراب خاص بالسودان، أحد أبرز المشروبات الرمضانية إلى جانب عصير التمر هندي وحبوب القنقليز.
السعودية: “نصبة الشاهي”
وفي المملكة العربية السعودية، تبدأ الاستعدادات لرمضان مبكرًا، حيث يقوم الناس بتنظيف المنازل وتغيير أثاثها.
ومن أبرز التقاليد السعودية في رمضان هي “نصبة الشاهي”، حيث يتم تخصيص مكان في غرفة الجلوس لوضع سماور الشاي، ويُقدم الشاي بعد الإفطار خلال شهر رمضان.
وتُعتبر هذه العادة جزءًا لا يتحزأ من الموروث الشعبي في مناطق الحرمين الشريفين.
الجزائر: “قفة رمضان”
وفي الجزائر، تُعد “قفة رمضان” من أبرز التقاليد الرمضانية، وهي عمل تعاوني تكافلي يقوم فيه أهل الحي بتحضير سلة تحتوي على مستلزمات رمضان الأساسية وتوزيعها على الفقراء والمساكين.
كما تشهد الجزائر نشاطًا مكثفًا قبل رمضان، حيث يُنظف المسجد وتُزين الشوارع، ويقوم الناس بشراء مستلزمات المطبخ وتحضير خلطات التوابل.
موريتانيا: “زقبة رمضان” وعقود القران
في موريتانيا، تُعتبر عادة “زقبة رمضان” من الموروثات الرمضانية المميزة، حيث يحرص البعض على حلق شعر الرأس في بداية رمضان، اعتقادًا منهم أن ذلك يجلب لهم الخير ويكون فالًا حسنًا.
كما يشهد الشهر الكريم في موريتانيا تنظيم العديد من حفلات الزواج، وهي عادة تميزهم عن باقي الشعوب.
المسحراتي – النفار: رجل المرحلة
يعد “المسحراتي” من التقاليد الموروثة في معظم الدول الإسلامية، وهو الشخص الذي يطوف الشوارع ليوقظ الناس للسحور. يعود تاريخ هذه المهنة إلى العهد العباسي، حيث بدأها والي مصر إسحاق بن عقبة.
وتطور الأمر مع مرور الوقت ليشمل الأهازيج والأشعار التي يرددها المسحراتي أثناء جولاته، وأصبح له حضور رمضاني بارز في العديد من الدول.
ورغم اختلاف هذه العادات، تظل روح الوحدة والتقوى والتكافل الاجتماعي هي القواسم المشتركة بين جميع المسلمين، مما يجعل شهر رمضان مناسبة تجمع بين العبادة والاحتفال والترابط الاجتماعي.