تتجه أنظار المشهد الثقافي العالمي، من الحادي عشر إلى الثالث عشر من أبريل، نحو العاصمة الفرنسية باريس، حيث يحل المغرب ضيف شرف على مهرجان باريس للكتاب 2024، أحد أبرز التظاهرات الأدبية في أوروبا، والذي يُقام داخل القصر الكبير “غراند باليه”.
ويأتي هذا الاحتفاء بالمملكة اعترافًا بدورها الريادي في مجال النشر والإنتاج الأدبي على المستوى الإفريقي والدولي.
المغرب مركز جديد للنشر في إفريقيا
وبهذه المناسبة، أكد بيير إيف بيرينجي، المدير العام لمهرجان باريس للكتاب، أن اختيار المغرب كضيف شرف يعكس مكانته المتنامية في مجال النشر.
وأضاف أن المغرب، الذي ظل لعقود يعتمد على شبكات نشر خارجية، يفرض اليوم نفسه كقوة رئيسية في هذا القطاع على الصعيد القاري، ويطمح لأن يصبح مركزًا للنشر في إفريقيا.
أدب متنوع ولغات متعددة
وأبرز بيرينجي أن غنى وتنوع الإنتاج الأدبي المغربي كانا من بين العوامل الأساسية وراء هذا الاختيار.
وأشار إلى أن الأدب المغربي لم يعد حبيس حدوده الجغرافية، بل أصبح يُكتب ويُقرأ بلغات متعددة: العربية، الأمازيغية، الفرنسية، الإنجليزية، وحتى الإسبانية.
وأضاف أن المهرجان يحتفي أيضًا بالروابط الثقافية والتاريخية المتجذرة بين المغرب وفرنسا، في إطار حوار دائم وعابر للضفتين، المتوسطية والأطلسية.
برمجة غنية
وتعرف هذه الدورة مشاركة 36 دار نشر مغربية، إلى جانب 34 كاتبًا مغربيًا يوقعون أعمالهم ضمن برنامج خاص بعنوان “رسائل من المغرب”، والذي يتضمن 46 فعالية تسلط الضوء على التنوع الثقافي والإبداعي المغربي.
ومن بين الأسماء اللامعة المشاركة: ليلى السليماني، الطاهر بنجلون، كوثر حرشي، أسماء المرابط، إدريس جيدان، ريم بطل، ومريم جبور.
خمس فضاءات مغربية تفاعلية في قلب المهرجان
ويمتد الجناح المغربي داخل مهرجان باريس للكتاب على مساحة 330 مترًا مربعًا، ويتميز بتنوع فضاءاته التفاعلية التي تعكس ثراء الثقافة المغربية.
ومن بين هذه الفضاءات، فضاء التاريخ البحري الذي يأخذ الزوار في رحلة عبر ماضي المغرب البحري، من خلال خرائط قديمة وسير الرحالة، إلى جانب فضاء “حوار” الذي يشكل منصة مفتوحة للنقاش بين الناشرين والكتّاب والجمهور.
كما يضم الجناح فضاءً خاصًا بالتوقيعات، يتيح للزوار لقاء مباشرًا مع المؤلفين المغاربة، إضافة إلى فضاء الأطفال الذي يقدم حكايات وورشات تفاعلية تهدف إلى ترسيخ حب القراءة لدى الصغار.
ويُكمل هذا التكوين فضاء المكتبة ودور النشر، الذي يقدم صورة شاملة عن تنوع المشهد النشري المغربي، سواء من حيث الموضوعات أو التجارب الأدبية
ثمان وعشرين ندوة وفعاليات فنية مرافقة
وتتضمن البرمجة المكثفة للمهرجان ثمان وعشرين ندوة فكرية، وست عشرة حلقة نقاش حول مواضيع أدبية واجتماعية، إضافة إلى عشرة عروض تقديمية للكتب، وعرضين فنيين في فن “الصلام” والمسرح.
كما يشمل البرنامج مائدة مستديرة دولية حول موضوع: “المصير الأطلسي بين فرنسا والمغرب”، في انسجام تام مع شعار الدورة: “البحر”.
وفي هذا السياق، أشار بيرينجي إلى أن “البحر يمثل جزءًا من الهوية الثقافية المغربية، بفضل انفتاح المملكة على البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، حيث شكلت التبادلات البحرية رافدًا أساسيا للأدب المغربي عبر العصور”.
تكريم رموز الأدب المغربي
وتحتفي الدورة بثلاثة من أعلام الأدب المغربي: إدريس الشرايبي، إدمون عمران المالح، ومحمد خير الدين، إلى جانب فقرات تسلط الضوء على حضور المرأة المغربية في الأدب، عبر لقاءات مع كاتبات رائدات، في تعبير عن ثراء وتعدد التجارب الأدبية النسائية في المغرب.
المغرب: منبر أدبي وقوة ثقافية ناعمة
واختتم بيرينجي تصريحه بالقول: “إن هذه المشاركة المغربية القوية ليست فقط لحظة عرض، بل تأكيد على أن المغرب يمتلك دينامية ثقافية متجددة، وقادر على لعب دور ريادي في تعزيز الحوار الثقافي العالمي”.
