في مشهد سماوي نادر، يترقّب هواة الفلك ظهور “القمر الوردي” في سماء شهر أبريل، إلا أن التسمية قد تكون خادعة هذه المرة؛ فالقمر لن يبدو وردي اللون، بل سيتّشح بلمعان أبيض ذهبي ناعم، وسيبدو أصغر حجماً من المعتاد.
ويُعرف هذا القمر علمياً بـ”القمر الصغير”، لأنه يبلغ ذروته عندما يكون في أبعد نقطة عن الأرض على مداره البيضاوي، وهو ما يُعرف بـ”الأوج”، بحسب ما أوضحه الدكتور نوح بيترو، عالم الكواكب في وكالة «ناسا» وقائد الفريق العلمي لمهمة «أرتميس 3» الهادفة لإعادة البشر إلى القمر.
قمر أبريل… الأصغر في عام 2025
ووفقاً لموقع “إرث سكاي”، يُعد هذا القمر المكتمل الأصغر من بين ثلاث أقمار صغيرة يشهدها عام 2025، وسيتبعه قمران في شهري ماي ونونبر.
وسيكون قمر أبريل في ذروته أبعد بنحو تسعة وأربعين ألف كيلومتر عن الأرض مقارنة بأكبر قمر عملاق لهذا العام، المتوقع ظهوره في نونبر.
يقول الدكتور بيترو إن “القمر الصغير قد يبدو أصغر بنسبة تصل إلى 14% وأخفّ سطوعاً بنسبة 30% من القمر العملاق”.
وأضاف أن هذه الفروقات قد لا تُلاحظ بسهولة بالعين المجرّدة، لكن الفرق يظهر بوضوح في الصور الفلكية.
تسميات فلكية وجذور ثقافية
رغم تسميته “القمر الوردي”، فإن التسمية لا ترتبط بلونه، بل بموسم الربيع. فاسم “الوردي” مستمد من تفتح أزهار الـ”فلوكس الطحلبي” الزهرية الزاهية التي تنتشر في شرق ووسط الولايات المتحدة مع اكتمال قمر أبريل.
وقد أطلقت قبائل الأميركيين الأصليين تسميات مستوحاة من الطبيعة على هذا البدر؛ فالتلينجيت في ألاسكا وصفوه بـ”قمر تبرعم النباتات”، بينما أسمته قبيلة الشيروكي “قمر الزهور”، أما الأباتشي فاختاروا له اسم “قمر الأوراق الكبيرة”.
ولهذا القمر أيضاً أهمية دينية، إذ يُعرف في المسيحية باسم “قمر الفصح”، لأنه أول بدر بعد الاعتدال الربيعي.
خسوف وكسوف قادمان في شتنبر
ولموسم السماء فصول أخرى؛ إذ يشهد شتنبر حالتي خسوف وكسوف، وفقاً لوكالة «ناسا». في السابع والثامن من سبتمبر، سيُشاهد خسوف كلي للقمر في مناطق تمتد من أوروبا وأفريقيا إلى آسيا وأستراليا وأميركا الجنوبية.
ويحدث هذا النوع من الخسوف عندما تمر الأرض بين الشمس والقمر، ما يؤدي إلى ظلال تحجب ضوء الشمس عن القمر، وتمنحه لوناً دموياً نتيجة مرور أشعة الشمس حول حواف الأرض.
وبعد ذلك بأيام، وتحديداً في الحادي والعشرين من شتنبر، سيحدث كسوف جزئي للشمس، حين يمر القمر بين الأرض والشمس من دون أن تصطف الأجرام الثلاثة على خط مستقيم تام، مما يؤدي إلى حجب جزء فقط من قرص الشمس في ظاهرة تُشبه “قضمة سماوية”.
وسيكون هذا الحدث مرئياً في مناطق نائية من أستراليا، والمحيط الهادئ، والقارة القطبية الجنوبية.
جمال السماء… في التغيير
ويختم الدكتور بيترو حديثه قائلاً: “ما يجعل القمر ممتعاً هو اختلافه كل شهر… يمكننا أن نختبر قدرتنا على ملاحظة هذه التغيرات الدقيقة بأنفسنا”.
وبين قمر وردي خادع، وخسوف دموي، وكسوف جزئي، تُذكّرنا السماء أن جمالها يكمن في تنوع مشاهدها، ودقة توقيتاتها، وسحر علمها.