كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة “منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية” بعنوان “النساء، الفضاء العام والحريات الفردية”، أن غالبية المغاربة يساندون حق النساء في التواجد داخل الأماكن العامة، مع تفاوت في درجة الإحساس بالأمان وعوامل مرتبطة بالعمر، التعليم، الجنس، والوضع العائلي.
دعم واسع مع بقاء أقلية معارضة
وأظهرت نتائج الدراسة أن أكثر من خمسة وسبعين بالمئة من المستجوبين يؤيدون حق النساء في ولوج المقاهي، دور السينما، الحدائق، والفنادق، مقابل واحد وعشرين بالمئة يرفضون ذلك، ما يشير إلى تراجع واضح في التصورات التقليدية، وإن لم تُمحَ بالكامل.
الأمان في الفضاء العام محل جدل
ورغم هذا التأييد، لا يزال الإحساس بالأمان في الفضاء العام موضع تباين. فقد اعتبر خمسة بالمئة فقط أن الأماكن العمومية آمنة جداً للنساء، واثنين وأربعين بالمئة رأوا أنها آمنة إلى حد ما.
بينما عبّر أكثر من عشرين بالمئة عن شعورهم بعدم الأمان، خاصة في المناطق شبه الحضرية مقارنة بالحضرية أو القروية.
الشباب أكثر تقبلاً لحضور المرأة
وبيّنت الدراسة أن الفئة الأكثر دعماً لحق النساء في الفضاء العام هي فئة الشباب بين 25 و34 سنة، بنسبة تفوق 80%، تليها الفئات الأصغر سناً.
في المقابل، تقل نسبة القبول مع التقدم في العمر، لتصل إلى حوالي 56% لدى من تتجاوز أعمارهم 65 سنة.
المستوى التعليمي يرفع من نسب التأييد
وكشفت المعطيات أن التحصيل العلمي يشكّل عاملاً حاسماً في الموقف من حرية النساء، حيث بلغت نسبة التأييد 87% لدى أصحاب الشهادات العليا، مقارنة بـ70% فقط لدى غير المتمدرسين، ما يشير إلى تحوّل قيمي يربط التعليم بالانفتاح المجتمعي.
فجوة واضحة بين النساء والرجال
وأبرزت الدراسة فجوة واضحة بين الجنسين؛ إذ دعمت 83.7% من النساء حق التواجد في الفضاء العام، مقابل 66.4% فقط من الرجال، ما يعكس استمرار بعض التصورات النمطية حول دور المرأة وحدود تحرّكها في المجال العام.
الحالة الاجتماعية تؤثر على الموقف
واتضح من خلال الدراسة أن الوضع العائلي يلعب دوراً مهماً؛ حيث عبّر العزاب والمطلقون عن أعلى نسب تأييد، قاربت 80%، مقابل نسب تراوحت بين 45 و70% لدى المتزوجين والأرامل.
وفيما يخص أماكن بعينها، مثل المقاهي، عبّر 60% من العزاب عن قبولهم ولوج النساء إليها، مقارنة بـ45% فقط من المتزوجين والمطلقين، مما يعكس تأثيراً مباشراً للحالة الاجتماعية على تصور حرية المرأة.
تحول تدريجي… ومشروط
رغم الأرقام الإيجابية، تبرز الدراسة أن التحول المجتمعي نحو تقبل حرية النساء في الفضاء العام لا يزال مشروطاً بعوامل عدة، أبرزها العمر، التعليم، الجنس، والوضع الأسري. وهو ما يؤكد أن تحقيق مساواة كاملة يتطلب حواراً مجتمعياً عميقاً ومستداماً.