المغرب يحتفي بإفريقيا وإيطاليا في عرس ثقافي وروحي يجمع فنانين من 15 بلدًا
انطلقت، اليوم الجمعة، فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، تحت شعار “انبعاثات”، في احتفاء ثنائي بإفريقيا وإيطاليا، ووفاء لروح هذا الموعد الثقافي الذي ظل، منذ تأسيسه، جسرًا للحوار بين الحضارات وملتقى للفنون والديانات.
أكثر من 200 فنان من القارات الخمس
وتشهد نسخة 2025 من المهرجان مشاركة أزيد من 200 فنان من 15 بلدًا، يمثلون فسيفساء من التقاليد الموسيقية والروحية، قادمين من إيطاليا، تركيا، فرنسا، إسبانيا، سويسرا، وإفريقيا جنوب الصحراء، وبخاصة من مالي وغانا وكوت ديفوار والسنغال.
وتأتي هذه الدورة استمرارًا لنجاح نسخة 2024 التي حملت شعار “شوقًا لروح الأندلس”، حيث يرسّخ المغرب من خلال المهرجان مكانته كفضاء عالمي للتجديد الثقافي والفني والروحي.
فاس… مدينة تنبض بروح التعايش
على مدى تسعة أيام، ستتحول مدينة فاس، بمعالمها التاريخية وساحاتها الروحية، إلى منصة لعرض أصوات العالم، وهي المدينة التي طالما شكلت معبرًا للتسامح ومنارة للمعرفة والصوفية.
وسيصدح الفنانون القادمون من مختلف الأقطار بروح التصوف والسلام التي تميز هذه الحاضرة الروحية العريقة.
التصوف النسوي يحضر بقوة في دورة 2025
من أبرز محاور هذه الدورة، الاحتفاء بالتعبيرات الفنية النسائية، لا سيما في عالم التصوف.
وسيتم تقديم عروض فريدة مثل “الديبا” التي تؤديها نساء من مايوت، بالإضافة إلى شعر “أربع نساء” من ثقافات متعددة.
إلى جانب الأغاني الفارسية الكلاسيكية لفنانات من إيران، والتراث الغنائي النسائي للشاعرات من كازاخستان.
إفريقيا وإيطاليا في قلب التكريم
ويكرم المهرجان إفريقيا، تأكيدًا على العمق الجغرافي والثقافي الذي يجمع القارة بالمغرب، ومكانة المملكة في تفعيل التعاون الثقافي جنوب–جنوب.
في الوقت ذاته، يتم تكريم إيطاليا مهد النهضة الأوروبية، في امتداد رمزي لعلاقات التوأمة بين فاس وفلورنسا، المدينتين اللتين تمثلان نموذجًا للحوار بين الأزمنة والثقافات.
برمجة فنية تزاوج بين القدسي والجمالي
من أبرز عروض هذه الدورة، عرض موسيقي مهيب لإحدى روائع الملحن الإيطالي مونتيفيردي بعنوان “صلاة الغروب للسيدة العذراء”.
إلى جانب الغناء الغريغوري البوليفوني من التراث الفرنسي الفلاماني، في تمازج يُجسد عمق التلاقي بين الفنون المقدسة والإنسانية.
المهرجان تجربة فريدة في حوار الروح
وفي تصريحات صحفية، أكد عبد الرفيع زويتن، رئيس مؤسسة “روح فاس”، أن دورة 2025 ستكون بمثابة رحلة عبر العصور والثقافات، مشددًا على جودة البرمجة الفنية وانفتاحها على تجارب موسيقية من مختلف أنحاء العالم، في تكريس لقيم التعايش والعيش المشترك.
كما أبرز، خلال تقديمه لبرنامج الدورة في أبريل الماضي بمدينة برشلونة، أن هذه التظاهرة تمثل تجربة ثقافية وروحية غير مسبوقة في عالم اليوم، حيث يُشكّل الفن سبيلاً لفهم الآخر وتقاسم القيم الإنسانية.
رؤية ملكية سامية تعزز الحوار بين الشعوب
ويُنظم مهرجان فاس للموسيقى العريقة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الذي جعل من الثقافة والروحانية أحد أعمدة الدبلوماسية الثقافية للمملكة، في عالم متغير يشهد تحولات متسارعة وتحديات إنسانية عميقة.
