في جو من الوفاء والعرفان، احتضنت كلية اللغات والآداب والفنون بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، الأربعاء، ندوة علمية متميزة تخليداً للذكرى الأولى على رحيل عميد الأدب المغربي، الدكتور عباس الجراري، تحت شعار: “الجامعة المغربية تحتفي بعميدها”.
حضور أسري وعلمي مؤثر
وتميزت هذه الندوة الثقافية الرفيعة، التي نظمها فريق البحث في الأدب المغربي الحديث والمعاصر، بحضور زوجة الفقيد، الأستاذة الدكتورة حميدة الصايغ، في لحظة مؤثرة اختلطت فيها مشاعر الفقد باعتزاز الإرث العلمي الكبير الذي خلفه الدكتور الجراري.
جلسات علمية توثق لمسار فكر رائد
وافتتحت أشغال الندوة بكلمات افتتاحية ألقتها كل من منسقة فريق البحث في مكونات الأدب المغربي الحديث والمعاصر، ولجنة تنسيق الندوة، الدكتورة نورة لغزاري. وتلتها جلسات علمية غنية ومكثفة امتدت طيلة زمن الندوة، وشهدت مشاركة خيرة الأساتذة الباحثين الذين سلطوا الضوء على مختلف الجوانب الأدبية والفكرية في تراث الراحل.
في الجلسة العلمية الأولى، التي ترأستها الدكتورة ربيعة بنويس، تناولت المداخلات مواضيع متنوعة، حيث استعرضت الدكتورة بديعة لفضايلي ملامح الألم والمعاناة في سيرة رحيق العمر من خلال مداخلة بعنوان: “حنظل المر ووجع الضر”.
وتوقف الدكتور أحمد رزيق عند إشرافات الجراري على الأبحاث الجامعية، معتمدًا مقاربة ببليوغرافية دقيقة.
أما الدكتور عبد الجبار لند، فقد ركز على الفكر النقدي للراحل، من خلال تحليل نظرية التلقي في مؤلفاته.
وبدورها قدمت الدكتورة زهيرة نغم قراءة بنيوية في النص الزجلي بكتاب “القصيدة”، فيما سلطت الدكتورة نورة لغزاري الضوء على البعد الموسوعي في سلسلة “حديث الخميس”، لتنهي الدكتورة تلكماس المنصوري الجلسة باستعراض جوانب من الرحلة الثقافية التي قام بها الدكتور الجراري إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
أما الجلسة العلمية الثانية، التي ترأسها الدكتور هشام موساوي، فقد واصلت التعمق في المسارات الفكرية والإبداعية للراحل.
وافتتح أطوارها الدكتور محمد يحيى قاسمي بمداخلة حول البيبليوغرافيا الخاصة بالدكتور الجراري، من حيث ما كتبه وما كتب عنه، ضمن مشروع كتاب توثيقي واعد.
وبيّنت الدكتورة ربيعة بنويس أن كتابات الدكتور الجراري تمثل مشروعًا فكريًا وأدبيًا متكاملًا، بينما توقف الدكتور هشام هلالي عند مساهمة العميد في التأطير الجامعي، بوصفه رحيقًا علميًا متواصلاً.
وسلط الدكتور منير البصكري الضوء على مكانة الشعر الملحون داخل الجامعة المغربية، كما تطرق الدكتور عبد الوهاب الفيلالي إلى ملامح الإبداع في هذا اللون الشعري.
أما الدكتور السعيد بنفرحي، فقد تقاسم مع الحضور بعضًا من متاعب التحقيق التي واجهته في موسوعة الملحون، واقترح حلولًا منهجية دقيقة للتغلب عليها.
واختتم الدكتور عز الدين معتصم الجلسة بعرض حول المشروع العلمي الذي قاده الدكتور الجراري لإحياء التراث المغربي، خاصة من خلال إشرافه على إنجاز موسوعة الملحون.
تكريم الوفاء واستمرار الرسالة
هذا، واختُتمت الندوة بكلمة مؤثرة ألقتها زوجة الراحل، الدكتورة حميدة الصايغ، عبّرت فيها عن امتنانها لهذه الالتفاتة الأكاديمية النبيلة، مؤكدة أن الفقيد ظل وفيًّا للعلم والثقافة حتى آخر لحظات حياته.
